أعتقد أننا في مرحلة من عمر المملكة العربية السعودية، كل يوم فيها أصبح تاريخيا بما يحمله من تغيير، لكن التغيير الأهم الذي انتظرناه طويلا، ولم يكن ليكتمل هذا الإعداد للسعودية الجديدة دونه، تضمنه بيان النائب العام فضيلة الشيخ سعود بن عبدالله المعجب، الذي أشار فيها صراحة إلى أن «‏أي مشاركة تحمل مضامين ضارة بالمجتمع، أيّا كانت مادتها وذرائعها ووسائل نشرها، فإنها ستكون محل مباشرة النيابة العامة».
إن وصف «ضارة بالمجتمع»، والذي ضرب لها النائب أمثلة بالكراهية والنعرات والطائفية وتصنيف المجتمع، مما يفهم منه أن كل من يكون سببا للغضب والكراهية سيُلاحَق، وهذا لا يدخل فيه فقط شتم الأقليات أو تكفيرها، بل يدخل فيه من باب أولى شتم ما تؤمن بصلاحه الأكثرية، لكن الغريب أن هناك من فهم أن إعلان النائب العام لن يتضمن حمايته هو من الكلمة التي يراها فكره ضارة، مثل دعشنة المجتمع، أو وصف مبادئ الدين المتفق عليها بالقبح، مثل السخرية من الحجاب، أو حتى التطاول على قناعات الناس فيما يخص النقاب.
فوجدنا من يصرخ غاضبا لماذا لم تشملهم كلمة النائب، ولو عاد إلى ما قاله النائب العام سيجد أنه لا يوجد ما ينفي ذلك، فلماذا تذهب بهم الظنون بعيدا عما درجت عليه هذه الدولة منذ نشأتها، من حماية الدين والشريعة والتقاليد السامية للمجتمع؟
في الواقع، هناك من يعبث بعواطف المجتمع، وهناك حسابات سوداء لديها مصالحها التي تعمل عليها، وهي تراهن على غباء أتباعها، فكيف يغرد رجل من بلد تسمح بالفجور والخمر ناقدا بلدا مثل السعودية، أو مشككا في قوانينها، ومؤلبا شعبها عليها، ألم يكن أولى لو ناصح قيادته هو؟ كيف تصدقه أيها السعودي الذي يصدح الأذان في كل مكان في بلادك، ويُكرَم العلماء وأهل الدين، وتُطبَع المصاحف على أرضك وتحت سمائك، إن ذلك غير منطقي أبدا.
كما أن تزامن خطاب النائب العام مع حادثة وفاة عبدالحسين عبدالرضا، وما تبعها، لا يعني أنها أعدت لتلك الحادثة، ورتبت لأجلها، وأن البيان مختص بالضرر الذي يأتِ من قبيلها، لكن يبدو أن البعض اختلط عليه الأمر بسبب ذلك، فهل يحتاجون إلى بيان آخر يقسم معنى الكلمة الضارة، ويضع قوائم بالكلمات الضارة المتوقعة، أم يحسنون الظن ببلادهم ورجالها، وأن حماية مكانة الإسلام ستبقى دائما شرف قيادته وهدفها.
على كل حال، الزمن دائما يثبت أن خطط الدولة في القوانين تسير للتحسين والتطوير وسد ذرائع الشر عن هذا المجتمع، وغدا سترون أن أفواه الضرر ستقفل أيّا كان فكرها ومذهبها وهدفها.