القانون لا يحمي المُستَغفلين، ولكن العدالة بإذن الله كفيلة بحماية المواطن من الاستغفال لعدم التخصص. أتمنى الاستشهاد ببعض موظفي البنوك، وأيضا مراجعة وتقييم صيغة البنود المتعلقة بالشأن
بعض فروع البنوك وبعض موظفيها يستغلون كل ما يمكن عمله لتحقيق «العمليات المتسهدفة لكل موظف»،
أو ما يسمى «التارجيت» المحدد لموظف البنك أو الفرع، ليستحق بذلك المكافأة والترقية.
يتمثل تحديد «التارجيت» بعدد محدد من القروض التي يمنحها الفرع أو المدير أو موظف البنك، وكذلك أيضا عدد محدد من الخدمات الأخرى التي يقدمها البنك من إيداعات، وجذب فتح حسابات عملاء أثرياء، وشركات، وتسهيلات لشركات، وغيرها من خدمات بنكية تسهم في أرباح البنك.
في ظل هذه المحفزات، بعض البنوك تستمتع بمهارات بعض موظفيها في استغفال واستغلال العملاء عند توقيع عقود القروض، فأصبحت البنوك مثل الذئاب التي لا يمكن أن تثق فيها، إذ إنها سريعة في انتهاز الفرص واستغلال الحاجة والثغرات ونقاط ضعف العملاء.
قد تكون هناك مخالفات قانونية في موضوع «متضررو قروض البنوك العقارية»، ولكن أتحدث هنا عن استغفال المقترض عند توقيع العقد، وعدم توضيح أهم بنود العقد، وهو قيمة الأقساط وقيمة المنزل الذي سيشتريه.
المقترض المسكين معتاد على القروض العادية، والتي تكون الأقساط ثابتة، ويجهل بقية الأنظمة لعدم التخصص، المهم أن العميل يوقع العقد دون قراءة تفصيلية لبنود القروض الممتدة لصفحات، والتي ينص أحدها على أن
القسط معرض للارتفاع والانخفاض عند تغير «السايبر»، والسايبر هو نسبة الفوائد بين البنوك عند الاقتراض.
هذا النوع من القروض يسمى «إجارة»، وهو قرض تتغير قيمة أقساطه مع تغير السايبر، ولا يعلم المقترض قيمة القسط ولا قيمة منزله، والأمر متروك للبنك. ومع تغيير السايبر مؤخرا، فوجئ المقترضون بزيادة في قيمة الأقساط، وعند الاستفسار علموا أنهم وقعوا في فخّ العقود.
المقترضون لجؤوا إلى القضاء والقضايا ولكن دون جدوى، فالقانون لا يحمي المُستَغفلين، وقرأنا خبرا بأنهم سيرفعون بالأمر إلى المقام السامي.
حذرنا كثيرا من القروض العقارية من البنوك في برامج التواصل الاجتماعي، وفي الوقت نفسه كان هناك كُتاب ومؤثرون يسوّقون لهذه القروض، بعضهم يسوّق بجهل، وبعضهم يسوق بغش، ويبدو أنهم نجحوا في اقناع البعض.
كان متوقعا أن يغفل كثيرون عن هذا البند، ولذلك كان المفروض أن يحذر البنك من هذا البند بشكل واضح، بل إن بعض موظفي البنوك تعمّد عدم توضيح هذا البند، إذ إن الهدف كان تحقيق «التارجت»، وهذا معروف في أوساط البنوك والمقربين لأعمالهم، ووقع كثيرون في الفخ، وأصبح منزل الأحلام رهين البنوك.
ارتفعت أرباح البنوك، وارتفعت نسبة نمو الأرباح مؤخرا بأكثر من التوقعات، وأحد أهم الأسباب هو رفع نسب الاقتراض بسبب تغير السايبر، وهذا كان متوقعا، فلا يوجد من يثق في البنوك.
كما ذكرنا، القانون لا يحمي المُستَغفلين، ولكن لو يتم تكوين لجنة تتحرى وتستفسر من بعض موظفي البنوك بطريقة سرّية، لإثبات إن كانت هناك محاولات لاستغفال المقترضين، لعلها تجد معلومات مفيدة، ويؤخذ كلامهم كشهود.
أيضا، يجب مراجعة صيغة العقود من جهات محايدة، ويكون هناك تقييم لطريقة الكتابة والصياغة «للبنود المتعلقة بالسايبر»، ويتم تقييمها إن كانت مصنفة كـ«متعمدة للاستغفال».
لم يكن جميع البنوك تعمل على الإقراض بنظام الإجارة، ولكن أعتقد الآن غالبية البنوك اعتمدته، إن لم يكن جميعها، فمتوقع أن يكون لدينا مزيد من ضحايا الاستغفال.