الشلة الإماراتية غناء بدوي رقيق، له أنواع وأدوار، ربما من العجيب أن يسمى أحدها الونة، وهي تختلف عن أغاني العيالة، والتي يتميز بها بدو الإمارات، وتحفل بلغة الحماس والفخر، لكن حتى هذه انصهرت في الوحدة الإماراتية، وصار فخرها وحماسها لاسم واحد، وهو الإمارات العربية.
لدى بدو السعودية وقبائلها فنونهم أيضا، والتي تحمل كل موضوعات ثقافتهم من حب وغرام وفراق واشتياق للحبيب أو المطر وفخر بالقبيلة، مثل الخبيتي والسامري وغيرهما.
لكننا مؤخراً أصبحنا نسمع بما يسمى الشيلة، وهي على ما يبدو تقليد للشلة الإماراتية التي تغنى بها القصيدة بأدوار محددة، لكن سعد الصويان يعتبرها تراثا ثقافيا سعوديا قديما يقصد به رفع الصوت ومده، لكن شخصيا لم أسمع بها إلا في بدايات شاعر المليون، والذي أظهر التراث الإماراتي لنا بصورة أكبر ومنه الشلة.
على العموم ليس هذا موضوعنا. موضوعنا أن الشيلات غزتنا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى بموضوعاتها المفاجئة وكلماتها التي تشي بالفصل بيننا، فطفلك الذي تعبت حتى تربي فيه الفخر بنفسه أصبح يفتح يده ويعدد لك أجداده حتى آدم، ثم يقفز أمامك مفتخرا بالقبيلة، ليس بأخلاقها وكرمها وحمايتها للمظلوم، بل كم ذبحت شخصا في غزوة كذا، وكم هجمت على قبيلة كذا، بل تسمع عن معارك بين أطفال حول ما فعله فارسهم في زمن كذا وكذا في قبيلة طفل آخر.
في الواقع كل شيء فارغ يبحث عما يملؤه، وغالبا الثقافة هي ما تملأ فراغاتنا، فإذا كان الطفل المصري نشأ على مسلسلات مثل ليالي الحلمية، والشهد والدموع، وبين القصرين والروايات والمسرحيات فلا يرى في عينيه سوى مصر تستحق الفخر بها، فالطفل السعودي رغم غنى تاريخه بملامح عظيمة كتوحيد المملكة، والذي كل معركة وكل مشهد منذ فتح الرياض تمثل دروسا حقيقية في جمال الحق وعظمة الإنجاز ودافع للتوحد حول فخر حقيقي أنجزه أجدادنا معا من كل سكان المملكة حضرا وبدوا إلا أنه أي الطفل السعودي لا يجد فنونه متأثرة بها، فلا مسرحيات ولا مسلسلات ولا أغاني وطنية حقيقية لتظهر الشيلات وتختطفه من وطنه، ويقرع ما يرد في كلماتها الأجراس لعلنا ننتبه ونقدّم للطفل والشاب السعودي البديل الذي يوحدنا ويجمعنا، ولا يحمل رسائل التخويف والتفريق كما تفعل موضوعات الشيلات اليوم.