ربما قرأتم مذكرات ستيف جوبس التي بدأها راصدها الكاتب الصحفي الأميركي الشهير والتر ايزاكسون بقصة لقاء له مع صديقه الشاب الناجح الذي سبق له أن كتب عنه -أي والتر- عندما كان في السي إن إن، وقدم الكثير من التقارير الناجحة عنه، لكن ستيف في ذلك اللقاء كان يريد شيئا آخر، يريد أن يكتب والتر مذكراته، مما جعل الكاتب يتعجب من طلب هذا الشاب ويسأله إن كان يرى نفسه متمما للرجال الذين كتب عنهم والتر مثل انيشتاين وهنري كسينجر، فتلعثم جوبز وأقفل الموضوع، لكن بعد زمن اتصلت زوجة جوبز بوالتر وأخبرته أنه إذا كان يريد أن يكتب شيئا عن ستيف فليكتب الآن فستيف جوبز يحتضر، رغم كل اهتمام ستيف بالكتاب إلا أن والتر يقول إنه لم يراجعه. فقط أعطى رأيه بصورة الغلاف، لم تكن تلك عادة جوبز الذي يقول أصحابه لوالتر إنه كان مهووسا بالكمال ورأي الناس في نجاحاته وأعماله، فلماذا أصبح غير مبال في نهاية حياته؟
في الحقيقة في فيديو صغير لكلمة لستيف مسجلة، ربما كانت في إحدى الجامعات، ذكر السبب، يقول ستيف، لقد كنت كل يوم أسأل نفسي ماذا لو كان اليوم آخر يوم في عمري، هل سأفعل ما أفعله اليوم؟ عندما كان يجيب بلا ليومين متتابعين، كان يعرف أن هناك شيئا يجب أن يغيره. لقد أيقن أن كل شيء لا يهم حين نواجه الموت ويبقى شيء واحد فقط، وهو أن تتبع قلبك.
أفكر في حديث ستيف في الفيديو وكتاب ألفته ممرضة في العناية المركزة سألت فيه المرضى الذين يحتضرون لو عاد العمر من جديد ماذا سيفعلون؟
عن فيديو آخر لنساء كبيرات في السن يوصين الشابات الجميلات.. ماذا يجب أن لا يخسرن، وأفكر بكل الأمور التي لم نفعلها وهي مصدر سعادتنا لمجرد أننا نخاف انتقاد الناس ونظرة من حولنا، أو أشياء كبيرة انغمسنا بها وتركنا صغارنا يكبرون وحدهم ويلعبون وحدهم لأنه لا وقت لنا معهم، أفكر بها اليوم وأجدها أقل أهمية من أن نتبع قلوبنا ونمنح لها ما تستحقه من السعادة، فلن يمضي العمر إلا وقد استنفد أحدنا رزقه.