عندما ترى فلانا من الناس يتبختر على من حوله بأنه ينتسب إلى القبيلة الفلانية أو اللون الفلاني أو الجبل الشاهق أو الجاه المعصوم، فإنك تشعر حتما بصغر عقله وضيق مداركه.
في مجتمعنا العربي بشكل عام تتنوع أطياف العنصرية وتتباين، ومناطها أجمع -من وجهة نظري- على أثافي ثلاث: قلة عقل وضعف دين وفساد خلق.
والحق أننا جزء من عالم فسيح عانى مما نعانيه، وبعضه تجاوز المشكلة حقا وبعضه زيفا وآخر ما زال يعاني، وإليكم بعض الصور من أشكال العنصرية وتأثيرها في العالم:
في حفل توزيع جوائز الأوسكار تراجعت نسبة مشاهدة الشاشات بنسبة 6%‏ عن عامها الماضي كما ذكرت بيانات نيلسن بسبب العنصرية.
كما ذكرت إحصائية نيويورك تايمز التي أعدها خبير الاقتصاد بجامعة هارفارد رولاند فرايرز، أن العنف يستخدم من قبل الشرطة الأميركية ضد السود بشكل أعلى بنسبة 19%‏ عن البيض، كما رأى الكثير منا ليبرون جيمس عندما انفجر غاضبا بقوله: «حياة السود في أميركا صعبة!».
وعلى نطاقنا المحلي نشرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان دراسة حالة في عام 1436-1437 شملت 170 طالبة بإحدى الجامعات وكان مفادها أن 32.4%‏‏ من الطالبات تعرضن للتمييز العنصري، وأن 35.3 أجبن بـ(لا أعلم)، وعن موقع حدوث التمييز كان 13.5%‏ منهن تعرضن له في المدرسة، بينما 67%‏ أجبن بـ(أخرى)، وفي نوع التمييز العنصري كانت العنصرية القبلية تشكل 21.2%،‏ بينما 60%‏ اختاروا (أخرى)، وعن السؤال هل ترى أن التمييز العنصري منتشر في مجتمعنا أجاب 74.1%‏ بـ(نعم)، وبالنسبة لأسباب العنصرية فقد عزا 60%‏ من العينة السبب إلى العادات والتقاليد.
وبسؤال عن نوع التمييز احتل التمييز القبلي نسبة 52.4%،‏ يليه الديني بنسبة 15.9%‏، وبسؤالهن عن المسؤول عن سبب انتشار هذه الظاهرة أجاب 70%‏ منهم بأن المجتمع هو المسؤول الأكبر. وعن علاج هذه المشكلة المقيتة اختار 47.1%‏ من العينة التوعية والتثقيف علاجا.
من هذه الإحصائية نلحظ جليا أن أكثر من ثلث العينة تعرض للتعنصر القبلي، وهو الأكثر انتشارا كنوع (52.4%‏)، وأن المدرسة هي الحاضن الأكبر عن غيره (13.5%‏)، وأن العادات والتقاليد هي الدافع الأول (60%‏)، ورأى (47.1%‏) منهن أن وسيلة الحذر والعلاج من هذه الظاهرة هي التوعية والتثقيف.
وكنت أتمنى من الدراسة أن تذكر ما الوسائل الأكثر تأثيرا، وهي في نظري الإعلام، مرئيا ومكتوبا.
من كل هذا ندرك أن المشكلة حية بيننا، وأن خطرها داهم من نشر بغضاء وإضعاف دين وتأخير عجلة تقدم وظلم أطياف، بل ودعوة إلى جريمة أحيانا.
ما أحوجنا في هذا الزمن خصوصا إلى نسيج متسق متوحد ينأى بنا عن العنصرية، ويجعلنا أمة مدنية منتجة، تتطلع إلى التقدم في عصر لا يعترف إلا بالقوي الأكثر وعيا.