علي العنبر

يعدّ سوق عكاظ أحد أقدم الأسواق التاريخية في جزيرة العرب، وموقعا من أهم مواقع التراث الوطني الثقافي الذي قامت عليه أهم الأحداث الثقافية، لدرجة أعد المؤرخون والمثقفون بأنه أقدم مركز ثقافي في جزيرة العرب، ومنذ 10 سنوات -وفي كل عام- تقام عليه بالتعاون مع الجهات العامة والخاصة، بنجاح، أهم البرامج والفعاليات الثقافية السياحية في المملكة العربية السعودية. وفي كل دورة من دورات سوق عكاظ، تؤدي الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني دورا مهما في تنظيم أنشطته وفعالياته، بما يحقق رؤية سوق عكاظ وأهدافه الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، ويضمن استدامته وتطوره ليكون مركزا ومقصدا للثقافة السعودية والعربية والإسلامية، ومنتجا سياحيا رئيسيا في المملكة.
ولضمان تحقيق هذه الأهداف وإثراء التجربة السياحية لزوار الطائف، خلال إقامة سوق عكاظ وزيادة الجذب السياحي له، وتعزيز موقع الطائف كوجهة سياحية جاذبة، فإن الهيئة تعمل على تنظيم سوق عكاظ في دورته الـ11 لعام 1438، وفقا للتصور العام للسوق الذي أصبح اليوم تظاهرة ثقافية دولية كبرى بمحافظة الطائف، تظاهرة تعنى بإبراز ما تمتاز به المملكة من بعد حضاري، وعمق تاريخي، وإرث فكري وأدبي وثقافي، يؤهل محافظة الطائف لتكون وجهة سياحية جاذبة، ويكون هذا الإرث عنصرا أساسيا في بناء الحاضر واستشراف المستقبل.
إن إحياء سوق عكاظ، وإبراز دوره التاريخي والثقافي المميز، وتجسيد المآثر العربية الخالدة التي أقرها الإسلام، وبنى فوقها الحضارة الإسلامية العظيمة، والعمل على استثمار هذا الإرث بتميز وجودة عالية، وتنظيم أنشطة وفعاليات سياحية أدبية، وفكرية، وثقافية في سوق عكاظ، ليعد بحق إنجازا كبيرا للمملكة بشكل عام، وللهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بشكل خاص، فخلال الأعوام الـ10 الماضية وبإشراف إمارة منطقة مكة المكرمة، استعاد سوق عكاظ حضاريا دوره كمكان جذب سياحي، ووجهة ثقافية في محافظة الطائف، خلال التركيز على القيمة التاريخية والثقافية لسوق عكاظ كأداة فعالة لربط التطور السياحي بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وليس هذا فحسب، بل أسهم إحياء سوق عكاظ اجتماعيا في إشراك القطاع الخاص، والانفتاح على الجامعات، والمعاهد والمدارس الوطنية، والعمل على تقوية التماسك الاجتماعي، وتطوير الحياة الاجتماعية والتفاعل بين الفئات المختلفة، خلال الأنشطة والبرامج السياحية والثقافية التي تناسب الجميع، وأسهم سوق عكاظ اقتصاديا في تنمية النشاطات التجارية والسياحية والحرفية وزيادة عدد الزوار لمحافظة الطائف، وزيادة معدل إنفاقهم خلال زيادة جاذبية السوق وإثراء الأماكن العامة والخاصة المحيطة به، وكذلك الموجودة في كل أنحاء محافظة الطائف.
وبناءً على هذه النجاحات والإنجازات الثقافية، أكَّد الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أن الهيئة متوجهة في تطوير موقع سوق عكاظ الذي تملكه حاليا تطويرا كاملا، خلال إنشاء مدينة سوق عكاظ الثقافية التي أعلنت الهيئة إنشاءها بأمر ملكي كريم على مساحة «12» مليون متر مربع، وأشار سموه الكريم إلى أن سوق عكاظ أصبح اليوم من العناصر المهمة لمشروع خادم الحرمين الشريفين «حفظه الله»، للعناية بالتراث الحضاري.
وبناءً على ذلك، انطلقت الهيئة وشركاؤها في تنفيذه، مشيرا إلى دور سوق عكاظ المهم في إبراز تاريخ وحضارات الجزيرة العربية، إذ كان هناك دور ثقافي واقتصادي كبير أسهم في انطلاق الحركة الثقافية والاقتصاديّة من سوق عكاظ لكل أنحاء الجزيرة العربية. وأشاد بما تقوم به الجهات العامة والخاصة المشاركة في تنظيم سوق في دورته الـ11 لعام 1438 من جهود متواصلة لتطوير أنشطة وفعاليات وبرامج سوق عكاظ، وربطها بالتنمية السياحية بالمنطقة، وهو الذي جعل سوق عكاظ ينمو بوتيرة متسارعة، ليصبح وجهة سياحية جاذبة يقصدها السياح من مختلف مناطق المملكة، ومن خارجها، إضافة إلى استقطاب المثقفين والأدباء والشعراء والكتاب والمفكرين والعلماء، على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي. وبناءً على ذلك، حرصت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، على إعادة إحياء سوق عكاظ إلى المشهد الثقافي العربي، واستمرار نجاحه في ظل اهتمام ورعاية خادم الحرمين الشريفين «حفظه الله»، وإبراز دوره في كل نواحي النشاط الإنساني في الجزيرة العربية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحضاريا. واهتمت الهيئة في العمل على إعادة أمجاد سوق عكاظ العربية، وإيصال إرثه الثقافي الذي يمتد لنحو 15 قرنا إلى الأجيال التي تتوق للتواصل مع جيل فذ من شعراء المعلقات الذين أثروا المكتبات العربية بأدبهم وقصائدهم، والعمل على تقديم مخزونه الثقافي الزاخر بأسلوب عالي المستوى، مما سيسهم في تعزيز مكانة المملكة كوجهة رئيسة للثقافة العربية في إطار سهل وممتع، امتزجت فيه الأصالة بالمعاصرة.