الرياض: سليمان العنزي

فيما بلغت إصابات السرطان الجديدة بالعالم خلال عام واحد 1.23 مليون حالة، من أصل 14 مليون حالة سرطان، كشفت باحثة سعودية مختصة بعلم الفيروسات عن وجود 7 فيروسات تسبب مرض السرطان، مشيرة إلى أن 10% من إجمالي حالات السرطان البشرية في العالم سببها فيروسات.

علاقة مباشرة
قالت الباحثة بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض الدكتورة فاطمة الهملان لـ«الوطن»، إن «الأبحاث الحديثة تؤكد وجود علاقة سببية مباشرة بين السرطان والإصابة بالعدوى الفيروسية تصل إلى 95% في بعض الحالات، إذ نتج عن العدوى بفيروس الورم الحليمي البشري 640 ألف حالة سرطان، بينما 420 ألف إصابة نتجت عن عدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي B، و170 حالة نتجت عن الإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي C، في وقت تسبب العدوى بفيروس ابشتاين- بار بـ120 ألف حالة سرطان».

أنواع عديدة
أضافت الهملان أن «فيروس الورم الحليمي البشري في مقدمة الفيروسات المسببة للسرطان، وهو يصيب النساء والرجال، مسببا أنواعا مختلفة من السرطانات، خصوصا فيما يتعلق بسرطانات الأعضاء التناسلية النسائية والرجالية، وهو مسؤول عن أكثر من 95% من حالات سرطان عنق الرحم عند السيدات، وقد يتسبب بسرطان الشرج وسرطان الفم والحلق عند الرجال والنساء، ولهذا الفيروس أنواع عدة تسبب سرطانات مختلفة، منها عالية الخطورة أشهرها نوعا 16 و 18، وأخرى منخفضة الخطورة تسبب الثآليل الجلدية والتناسلية، أشهرها نوعا 6 و 11».

غياب الأعراض
بينت الباحثة في علم الفيروسات أن «هناك أيضا فيروسات الهربس مثل ابنشتاين - بار الذي يسبب عدوى كريات البيضاء، أو مرض التقبيل، حيث ينتقل عن طريق اللعاب، والسعال والعطس، وقد تكون له أعراض واضحة كارتفاع درجات الحرارة، وتورم العقد اللمفاوية، واحتقان الحلق، ولكن 90% من المصابين، خاصة الأطفال، لا تظهر عليهم أعراض الإصابة مثل بقية أغلب حالات العدوى الفيروسية».
وحذرت من أن «العدوى بهذا الفيروس تستمر مدى الحياة غالبا وبدون أعراض، حيث يظل الفيروس خاملا في بعض خلايا الدم البيضاء، ورغم أن الفيروس لا يشكل خطورة على أغلب المصابين، إلا أن هذه العدوى الفيروسية قد تزيد من احتمالية إصابة الشخص بأنواع محددة من السرطان، مثل سرطان البلعوم الأنفي، وأورام الدم، والأورام اللمفاوية، وهناك أيضا فيروس الهربس البشري 8 الذي أثبتت الدراسات الحديثة علاقته بسرطان كابوس ساركوما، وهو سرطان جلدي نادر».
وذكرت الهملان أن «من الفيروسات المسببة للسرطان لوكيميا الخلايا النائية البشري-1 الذي يتعلق بأورام الدم والأورام اللمفاوية، وينتشر عن طريق مشاركة الإبر والحقن، أو العلاقات الجنسية أو من الأم إلى طفلها عند الولادة والرضاعة، وهناك فيروس تم اكتشافه حديثا عام 2008 يعرف بـ«فيروس خلايا ميركل» الذي أثبتت الدراسات علاقته بأحد أنواع سرطان الجلد الخطيرة».

فيروس الكبد الوبائي
أوضحت الهملان أن «ثاني الفيروسات المسببة للسرطان فيروس الكبد الوبائي B وC، اللذان يزيدان من احتمالية الإصابة بسرطان الكبد، حيث أظهرت إحصاءات منظمة الصحة العالمية أن 400 مليون شخص في العالم أصيبوا بالتهاب الكبد الفيروسي، وأن 6 - 10 ملايين شخص جديد يصابون بالعدوى سنويا، و1.4 مليون حالة وفاة سنويا يعود سببها إلى التهاب الكبد الفيروسي».وتابعت إن «فيروس الالتهاب الكبدي B ينتقل عن طريق التعرض للدم، والمني، وسوائل الجسم الملوثة بالفيروس، من الأم لطفلها أثناء الولادة والرضاعة، وعن طريق عمليات نقل الدم أيضا، وتعاطي المخدرات عن طريق الحقن الملوثة، بينما ينتقل فيروس الالتهاب الكبدي C، عن طريق التعرض للدم الملوث والحقن الملوثة، وكلاهما يأتي في مقدمة أسباب سرطان الكبد بنسبة 78%».

السرطان ليس معديا
لفتت الهملان إلى أن «السرطان ليس معديا لعدم وجود دليل علمي قطعي يدعم ذلك، ولكن يمكن القول إن العدوى الفيروسية التي تسبب السرطان معدية، ولكل فيروس طرق انتقاله الخاصة، والأبحاث تحاول كشف العلاقة بين السرطانات ووجود عدوى فيروسية محددة».
وذكرت أن «معظم المصابين بالعدوى الفيروسية لا يدركون حملهم الفيروس لعدم ظهور أعراض واضحة، وأغلب الحالات تواجه فيها مناعة الجسم العدوى الفيروسية وتتخلص منها، ولكن هناك حالات شاذة يتغلب فيها الفيروس على مناعة الجسم، خاصة لدى الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، أو من يستخدمون علاجات مثبطة للمناعة، أو من يعانون أمراضا مزمنة»، مشيرة إلى أن تناول اللقاحات الوقائية تقي من السرطانات الناتجة عن الإصابات الفيروسية، ومنها لقاحا فيروس الورم الحليمي البشري، وفيروس الكبد الوبائي B. .