سألت المكاتب ما إذا كنت أستطيع أن أدخل النظام وأقوم بملء الخانات بمفردي كان رد الجميع بالنفي، وحينما استفسرت عن السبب كان رد البعض أن هذه مجرد اتفاقيات بين الوزارة ومكاتب الاستقدام

لنفرض أن لدي مكتب خدمات وأنت بحاجة لإنهاء بعض الإجراءات، إلا أن ما أقدمه لك تستطيع أن تفعله بنفسك في أقل من خمس دقائق من منزلك، ولكنني سأعرض عليك خدماتي على أي حال، حيث تستطيع أن تأتي إلى مكتبي أثناء ساعات العمل وكل شيء بأجره. بما أننا تطرقنا إلى موضوع الأجر فلا أنصحك أن تبحث عن سعر منافس في السوق لأن مكتبي يقدم أفضل الأسعار.
إن جميع ما سبق يتسم بعدم المنطقية، ولكن ذلك موجود على أرض الواقع. لذلك قمت بعمل استطلاع سريع تضمن 25 مكتب استقدام للعمالة -أعتقد أنك أصبت بغصة عزيزي القارئ- ففي هذا المقال أتساءل عن مدى تماشي نظام التأشيرات الإلكترونية (التفويض) لاستقدام العمالة مع الصحوة الإلكترونية التي نعاصرها هذه الأيام في شتى المجالات.
إن نظام التفويض لاستقدام العمالة على موقع وزارة الخارجية قد يبدو جيدا، لأنه يمكن الأفراد والمؤسسات من القيام بإجراءات التأشيرة بكبسة زر، إلا أن إتمام عملية تصديق التفويض تستلزم من الشخص التواصل مع مكتب. إلى هنا والأمور قد تبدو على ما يرام، إلا أنني قد وجدت سعر إتمام العملية يختلف من مكتب لآخر، حيث تراوحت أسعار تأشيرة الخادمة المغربية بين 700 و2000 ريال وللسائق الهندي 500 إلى 800 ريال، فالأسعار متفاوتة على الرغم من أن جنسية العامل واحدة.
نحن هنا أمام تساؤلين الأول: لماذا لا تكون هنالك أسعار ثابتة وعمولة واضحة ومقننة للمكاتب بالاتفاق مع الدول التي تتعامل معها؟ مثل 30 ريالا وهو سعر تصديق خطاب من قبل وزارة الخارجية، فالتفويض هو عبارة عن مستند فلمَ لا يعامل معاملة الشهادات والخطابات؟ والسؤال الثاني: لماذا يحتاج المواطن من الأساس وسيطا بينه وبين وزارة الخارجية لعمل تفويض؟ فمن العنوان على موقع الوزارة الرسمي (منصة خدمات التأشيرات الإلكترونية) يُخَيَّل للشخص أن النظام مشابه لنظام أبشر الذي يتحقق من هوية الشخص عن طريق إرسال رمز التحقق عبر رسالة نصية، كم هي عملية بسيطة وموفرة للوقت والجهد والمال!
عندما سألت المكاتب ما إذا كنت أستطيع أن أدخل النظام وأقوم بملء الخانات بمفردي كان رد الجميع بالنفي، وحينما استفسرت عن السبب كان رد البعض أن هذه مجرد اتفاقيات بين الوزارة والمكاتب -أشك في ذلك- لأن الوزارة لن تترك المجال مفتوحا للمكاتب لكي يضعوا أسعارا عشوائية. في حال إتمام العملية عن طريق المكتب
قد يتفاجأ البعض بأن المكتب ذاته قد أتم العملية عن طريق مكتب آخر. والمثير للدهشة أنه عندما تعاين الورقة (التفويض) تجد أنها تحتوي على تسع خانات فقط، أي أنك تدفع مبلغ 2000 ريال لملئها! على الرغم من توفر جميع المعلومات لديك مسبقا، وهذه الخانات بالترتيب هي: رقم جواز المفوَّض وصاحب العمل وجهة القدوم والمهنة والمدفوع وعدد الأشخاص والملاحظات ورقم التأشيرة ورقم الهوية، مع العلم أن المكتب قد ترك خانتي المدفوع والملاحظات فارغتين. حل المشكلة ببساطة يكمن في تحديد الأسعار للمكاتب وتوعية الأفراد والمؤسسات بذلك،
أو بجعل النظام خاليا من الوساطة (المكاتب).