أيها الصامتون: أيُخطط لانتهاك بلدكم، وتسمعون تسجيلات تنشر لتقسيم بلدكم، ونشر الفوضى فيه، وتُكتَب المقالات، وتُجرَى المقابلات في التجني عليه، وأنتم سامدون؟

القاعدة الأصولية عند أهل العلم تقول: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
ومن الحاجة بل الضرورة: تبصير الشباب وغيرهم بما تقوم به دولتنا المباركة المملكة العربية السعودية من تحقيق للتوحيد، وتحذيرٍ مما يُضاده، ومن نصرةٍ للإسلام والمسلمين، وكونها أُسست على التقوى من أول يوم قبل ثلاثة قرون ولا تزال بحمد الله.
فإذا كان هذا هو الواقع، فالمملكة اليوم تواجه تحديات ومكائد تمس عقيدتها وأمنها وكيانها، فما سر هذا الصمت عند كثير من الدعاة وقيادات التعليم والجامعات، ألا يعلمون أن دفاع الصائل والباغي على هذه البلاد السعودية بالحجة والبرهان يُعد من الديانة والأمانة والتقرب إلى الله؟
فإن قيل: قد يكون خصم اليوم صديق الغد، ويصالحنا، فكيف نرد عليه الآن؟
فالجواب: إن صلاحه يسرنا جدا، وقد قال تعالى (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة)، هذا في حق الكفار، فما بالك بالجار المسلم، لا ريب أننا نفرح بصلاحه وتوبته، ولكن هذا لا يعني عدم رد ما يصدر عنه من عدوان، فخالد بن الوليد - رضي الله عنه - حاربه المسلمون لما كان ضدهم في أحد، وأحبوه لما هداه الله وكان منهم، وعبدالرحمن بن ملجم قربه الصحابة ومكنوه من تدريس القرآن لما كان معهم، فلما صار من الخوارج تبرؤوا منه، فالتصرف هو حسب ما يصدر من الشخص، وكان عمر بن الخطاب إذا قيل له كنت تقول كذا والآن تغير الأمر تقول كذا؟! يجيبهم بقوله: (ذاك على ما قضينا، وهذه على ما نقضي) لأن واقع كل قضية اختلف.
فيا أيها الصامتون: أيُخطط لانتهاك بلدكم، وتسمعون تسجيلات تنشر لتقسيم بلدكم، ونشر الفوضى فيه، وتُكتَب المقالات، وتُجرَى المقابلات في التجني عليه، وأنتم سامدون؟!
من لم يقف مع وطنه وهو يراه مستهدفا، فمتى سيقف؟ إن هذا لشيء عُجاب!
وإياكم أن تغتروا بصمت الحركيين، لأن صمتهم إنما هو لولاءاتٍ حزبية خارج الحدود، وأنتم رأيتم دفاعهم القوي عن تركيا في أزمتها، وفي صمتهم المطبق الآن عما يحدث ضد السعودية؟
ولكم قدوة في مواقف الشيخين الجليلين، اللذين شهدت لهم الأمة بالديانة والإمامة، وكتب الله لهما القبول (ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله)، لكم قدوة في مواقفهما المُشرفة تجاه هذه الدولة السعودية، فجهودهما في بيان فضائلها، والرد على أعدائها كثيرة معلومة، وإذا أساء أحد إلى هذه البلاد، غضبوا وردوا عليه بالحقائق والبراهين، فأرْدَوه خاسئا وهو حسير، ومن اطلع على ما صدر عنهما من كتب ورسائل ومحاضرات، يرى ذلك عيانا بيانا، ويزداد اهتمامهما وبيانهما وقت الحاجة والتلبيس، لعلمهما أن الدفاع عن الدولة السعودية وقادتها، دفاع عن التوحيد، ومعاداتها عداء للتوحيد، كما في قول الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ عن هذه الدولة السعودية:( العداء لهذه الدولة عداء للحق، عداء للتوحيد)، فهما يدافعان عن هذه الدولة السعودية، ديانة لله واعتقادا، لا لغرض من أغراض الدنيا، ولا لتسجيل مواقف، ولا لتصفية حسابات مع أحد، بل هو تقرب إلى الله تعالى، واستمرا على ذلك، حتى لقيا ربهما صادقين ناصحين، وما كان لله يبقى، وما كان لغيره يفنى.