لا أعرف ما هي المشكلة في أن نتشارك مع العالم لحظاتهم الإنسانية في احترام ضحاياهم؟ خاصة وأن العالم الإسلامي يعاني من تهمة الإرهاب، ونحن نحاول جاهدين فك الارتباط السائد بين الإرهاب والإسلام. ظاهرة الوقوف صمتا لمدة دقيقة على أرواح الموتى انتشرت في كل أنحاء العالم، وهي لا تخص دينا معينا أو طائفة بذاتها.
هناك ثلاث روايات كلها وقعت في عام 1919 يرجح أن تكون إحداها هي سبب انتشار هذه الظاهرة.
الرواية الأولى تقول إنه تقليد فرنسي، فبعد هزيمة ألمانيا ونصر قوات التحالف كانت فرنسا تستعد لتخليد الذكرى الأولى لهذا النصر، وعم الصخب والحماس قبل إلقاء الرئيس «ريموند كاري» كلمته، ولتهدئة الناس ظهرت فكرة الوقوف لمدة دقيقة حدادا على أرواح الشهداء.
الرواية الثانية تقول إن الصحفي الأسترالي «إدوارد جورج هوني» هو صاحب الفكرة وقد وجه خطابا لعدد من الصحف العالمية باقتراح 5 دقائق صمت في يوم الذكرى، احتراما لضحايا الحرب العالمية الأولى. ولكن 5 دقائق كانت كثيرة، فاختصرت لدقيقة واحدة.
الرواية الثالثة وهي الأكثر دقة تفيد بأن الملك البريطاني جورج الخامس تلقى مقترحا من صحفي أسترالي يطلب فيه تخفيف مظاهر الاحتفال وإبراز مشاعر الاحترام لضحايا الحرب بالذكرى السنوية لنصر الحلفاء وهزيمة ألمانيا. وبالفعل قام الملك بتاريخ 7 نوفمبر من عام 1919 بإصدار مرسوم ملكي بالوقوف دقيقة صمت لكل البلاد، احتراما لضحايا وشهداء الحرب في يوم الذكرى الأولى التي توافق 11 نوفمبر.
الخلاصة أن هذا التقليد ليس له أي صلة بدين أو طائفة معينة، ورفض احترامه في المحافل العامة يقود العالم لعدم فهمنا، ويضعنا في موقف المؤيدين لموت الضحايا والأعمال الإرهابية.
مع الأسف البعض يذهب بعيدا في التبرير كأن يقول وأين هم عن ضحايا سورية أو العراق؟ متناسيا أن أستراليا تابعة للتاج البريطاني التي وقعت بها الحادثة. والأهم من ذلك ماذا لو طلبت السعودية دقيقة حداد على ضحاياها من الإرهاب؟ فهل سيتردد الأستراليون في ذلك؟ أم أنهم سيحترمون رغبتنا ويقفون معنا احتراما لشهدائنا؟