في داخل كل واحد منا عراك داخلي صامت بين الرغبات الشخصية وبين الظروف المحيطة وبين القيم والواجبات التي تأصل عليها هذا المجتمع الكريم. وفي الظروف المحيطة بنا نحتاج إلى وعي جيد بما يجب أن نفعله وإلى همة عالية للقيام بهذا الواجب. كلنا نحتاج إلى وجود عدد من السدود والموانع التي تجعلنا نؤثر مصلحة الوطن على كل مصلحة شخصية أو عاطفية أو اجتماعية. ومع عجلة الإصلاح التي ينهجها هذا الوطن بخطوات عملية فإنها تحتاج إلى وقود روحي وجهد بشري، ويمثل المواطن حجر الزاوية في خطط الإصلاح.
أطلقت وزارة الداخلية حملة وطن بلا مخالف، والتي تستهدف كل من ليس لديه وثيقة إقامة تثبت هويته. وليس بالضرورة أن يقتصر التنفيذ على رجال الأمن في هذه الحملة التي تهدف إلى حماية الوطن داخليا وخارجيا. فكل مواطن هو رجل أمن للوصول إلى تحقيق الهدف العظيم بأن يكون الوطن بلا مخالفين. ومنطقة جازان لها خصوصيتها الجغرافية والسياسية والثقافية، والتي تجعل منها جزءا فاعلا في حملة وطن بلا مخالف. جازان منطقة حدودية وهي خط الدفاع الأول للحد الجنوبي وهي الواجهة الأولى لمواجهة الأخطار والأمراض المعدية والأوبئة الخطرة، فمنذ وباء حمى الوادي المتصدع قبل أكثر من خمسة عشر عاما وجنود جازان في الزراعة والأمانة والصحة، وقبل ذلك في القطاعات العسكرية لهم الفضل الأكبر في عدم عودة المرض القاتل رغم أن معظم الظروف الحدودية كانت ومازالت مواتية لعودة الوباء. والآن تفتك الكوليرا باليمن الشقيق، وبادرت السعودية كما هي عادتها إلى القيام بدورها في مساعدة المنكوبين ومعالجة المصابين. ويظل الخطر محدقا بجازان في حالة دخول مخالفين يحملون هذا المرض. ورغم النجاح في محاربة الملاريا والوصول إلى نسب منخفضة جدا بالمنطقة، فقد ظل الوافد المخالف مصدرا حقيقيا لكل الحالات الوافدة التي تم تسجيلها. هذه أمثلة للأضرار الصحية التي قد يتسبب فيها المخالف، ناهيك عن الأضرار الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وعليه يجب علينا جميعا الإيمان بأن ما لدينا من نظم وأساليب حديثة هو لترتيب أوضاعنا الخاصة والعامة، وعلينا الانفتاح والقبول للتوجيهات المتجددة التي تهدف إلى مصلحة الوطن والمجتمع.