إذا لم ندافع عن بلدنا الذي هو مهبط الوحي، ومنبع الإسلام، وولاتنا الذين هم أنصار العقيدة الصحيحة، فعمّنْ ندافع؟ ألا يسركم أن تدافعوا عن بلد التوحيد وقيادته؟
نعوذ بالله كما تعوَّذ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ من جَلَد الفاجر وعجز الثقة، هذه معضلةٌ كبرى، وبلاء عظيم، فالأصل هو أن يكون الثقة الصالح لديه قوةٌ وجَلَد في نشر الخير، وقمع الباطل، والصبر على ما أصابه في سبيل ذلك، لأن ذلك من عزم الأمور، ولأنه على حق، ويدعو إلى حق، بينما الفاجر مؤهل للانزواء، وعدم التصدر، فحسبه أن يصلح فجوره، ويمسك عليه لسانه الذي لا يأتي بخير، لأنه على باطل، ولا يرجو من فجوره، ما يرجوه الثقة الصالح من صلاحه، لكن أن تنعكس المسألة: فيكون الجَلَد والنشاط عند أهل الفجور، والكسل والضعف والجبن لبعض أهل الحق والصلاح والعلم، فتلك مصيبة، حتى وإن سوَّغ الضعفاء من الثقات لأنفسهم بأنهم يخشون أن تصيبهم دائرة من أهل السوء، فيضايقوهم في جامعاتهم وأعمالهم وأولادهم، لكون كثيرٍ منهم متمكنين، وأنهم إذا صدعوا بالحق ودافعوا عن دينهم ووطنهم المملكة العربية السعودية، ونقدوا من ناوأها، ولو بشطر كلمة أو مقالة، سيصيبهم أذى كثير، وألم مزعج، فيلجؤون حينئذٍ إلى الظل والضبابية والحيادية، وهذا (أي: عجز الثقة) بلاء عظيم، يستعاذ بالله منه، ونقول لهؤلاء الضعفاء الكسالى ما يلي:
أولا: إن تكونوا تألمون بسبب نشر الخير، والدفاع عن بلادكم، فإن الفجرة الصادعين بالباطل، والمثبطين لأهل الخير، يألمون كما تألمون، ولكن الفرق أنكم ترجون من الله ما لا يرجون.
ثانيا: ما ذكرتم من تمكنهم وتسلطهم في بعض الجامعات ونحوها، هذا صحيح، وقد رأينا ورأى غيرنا ألوانا من الأذى، ولكن العاقبة للمتقين، ودفاعنا عن بلادنا، وكشف شبهات أهل الضلال تجاهها، ليس هو وظيفة أو تفضلا ومِنَّة، بل ذلك عقيدة، نرجو ثوابها من الله، ولا يصح أن يعبد الإنسان ربه على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه، من فعل ذلك فهو خاسر.
ثالثا: إذا كان شذاذ الآفاق من نظام الملالي وحزب اللات، وقناة الضِرار (الجزيرة) والحركيين، رموا عن قوسٍ واحدة، بلادنا التي لا نظير لها في العالم من جهة نصرة العقيدة، ونشر الخير، أفلا يجدر بنا أن نرد عن عرضها وكيانها، ونقذف بالحق شبهات أهل الباطل، ونكشف عوارهم، ونحصِّن أبناءنا وطلابنا من شرورهم، إذا لم ندافع عن بلدنا الذي هو مهبط الوحي، ومنبع الإسلام، وولاتنا الذين هم أنصار العقيدة الصحيحة، فعمّنْ ندافع؟
ألا يسركم أن تدافعوا عن بلد التوحيد وقيادته، إذا دافع غيركم عن أدوات إيران، الذين ذهبوا إلى قبر الخميني ووضعوا عليه الزهور، والذين ذهبوا إلى الملالي داعين لسقوط الدول العربية، وقالوا (تعلمنا من الخميني ومن حسن البنا وسيد قطب، وإيران نموذج يحتذى لنا في كل شيء)، وكلامهم هذا موجود في يوتيوب صوتا وصورة، وحتى قبل وجوده نحن نعلم من كتبهم ومنهجهم أنهم شيء واحد.
ولهذا أكرر ما قاله الأمير نايف رحمه الله: (دافعوا عن دينكم، دافعوا عن وطنكم..).
رابعا: نحن لسنا حياديين بل مع دولتنا، سِلْماً لمن سَالَمَهم، وحربا لمن حاربهم، وهذا مقتضى التوجيه النبوي
(تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)، ومن لم تكن مواقفه مع المواقف الخيِّرة لدولته، فهو مخالف للحديث، ونقول لكل من آذى بلادنا وقادتنا ولو بكلمة إن تبتم ورجعتم إلى الحق، واحترمتم بلدنا وقادتنا، سَرّنا ذلك، وإن عدتم عدنا.
خامسا: لسنا في واد، ودولتنا في واد آخر، ومقولة الحركيين: نحن الشعب لا علاقة لنا بمواقف الدولة، هي شنشنة نعرفها من أخزم، وهم لا يقولون ذلك مع حزبهم وإن كانت قيادة ذلك الحزب خارج الحدود، وإنما هم ملتزمون بمواقف الحزب وإن لم يقتنعوا بها، وسبحان الله يفرون مما أمر الله به ورسوله، وهو الطاعة ولزوم ولاة الأمور، ويقعون فيما نهى الله عنه ورسولُه وهو الطاعة للأحزاب، هذا والله هو الخذلان، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
أقول قولي هذا استنهاضا للضعفة من الثقاة، لئلا يكون فيهم كَسَل، وكان الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ لاحظ هذا الكسل، وحذَّر منه، ومع هذا فأهل القوة من الثقات هم الأكثر بحمد الله، يصدعون بالحق، ويقمعون الباطل، بعلم وعدل، وفقهم الله.