ما يفعله النظام الإيراني في المنطقة ما هو إلا مَأْسَسة للإرهاب، وشَرْعَنة للحركات الإرهابية، وتغطية دبلوماسية لمساعي هذه الكيانات، بهدف بَثّ الفرقة في المنطقة

العمل الإرهابي في إيران ليس مثله في غيرها من البلدان، فقد جرت مأسسة هذا العمل وتغطيته سياسيًّا عبر مظلّة الدولة، ففي الوقت الذي تتبرأ فيه كل الدول العربية والسُّنية من الإرهاب، نجد أن إيران تدعم الإرهاب في إطار مؤسَّسي، عبر مأسسة هذا الإرهاب رسميًّا في مؤسسات الدولة، وميزانيتها، وأجندتها وبرامجها.
لقد أسَّست إيران ميليشيات إرهابية عابرة للحدود، ودعمتها لكي تحسم بها خياراتها السياسية، بالقوة والسلاح، في دول الجوار في العراق وسورية، وتعدّت ذلك إلى اليمن والبحرين، بالإضافة إلى دعمها جهازًا إعلاميًّا أو إمبراطورية إعلامية ضخمة، تغطي على أفعال وجرائم تلك الميليشيات، وتُحسّن صورة إيران عند جماهير الشيعة في العالم، عن طريق إبرازها في صورة المدافع عن ميراث آل البيت، وعما يسمى بالمراقد المقدَّسة، ونحو ذلك من عبارات تحمل مضامين ودلالات لا تهدف إلا إلى تجييش الرأي العامّ. وفي هذا الإطار أسَّسَ النظام الإيراني بعد انتصار الثورة قوات الحرس الثوري، وعلى وجه الخصوص فيلق القدس الذي ينشط خارج حدود الدولة في المجال العملياتي والعسكري، لتكون مهمته تدريب ميليشياته الإرهابية، ونشر الفوضى في العالَم العربي.
كذلك أنشأت إيران بعد نجاح الثورة مباشرة ما يُسمَّى «خلايا تصدير الثورة» في الخليج العربي، وعملت من خلال هذه الخلايا على إحداث حالة من الميوعة والفوضى والسيولة في الدول العربية، وأنشأت ما يُسَمَّى «منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية»، و«الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين»، كما عملت إيران على تعزيز علاقاتها، بل وتأسيس هذه العلاقات، مع الجماعات الأدنى في بعض الدول، ضدّ هذه الدولة الوطنية، فلم تؤمِن بالمداخل الرسمية لإقامة علاقة مع الدولة الوطنية، بل اعتمدَت وتَعمّدت التواصل المباشر عن طريق الدعم اللوجستي والتسليح مع جماعات مسلَّحة داخل الدولة الوطنية، قافزةً على أُسس الدول ودستورها وسيادة أراضيها، من أجل فرض الأمر الواقع في هذه الدول عن طريق عملائها المحليين.
هذا النموذج الإيراني جرى تصديره إلى الدول التي استقرّ فيها النفوذ الإيراني، مثل العراق ولبنان واليمن. ففي العراق جرى الحديث عن أن قوات الحشد الشعبي التابعة لإيران تمارس عمليات إرهابية وطائفية على غرار ما يفعله تنظيما داعش والقاعدة، ولتفادي ذلك مُنحت قوات الحشد الشعبي مظلّة رسمية، واستمرَّت في ممارساتها الطائفية في الموصل والأنبار وغيرها من محافظات ومدن العراق. أما في لبنان، فنجد أيضا حزب الله، وهو منظَّمة إرهابية حصلت على غطاء رسميّ رغم ما تقوم به من عمليات إرهابية، كان حزب الله ولا يزال ينفّذها داخل لبنان وخارجه.
كذلك في اليمن نفّذَت الحركة الحوثية انقلابًا عسكريًّا، وعيَّنَت شخصيات إرهابية في مناصب قيادية، ومنحت الميليشيات صبغة رسمية في قوات الأمن والجيش، بدعم مباشر ومُعلَن من إيران.
إن ما يفعله النظام الإيراني في المنطقة ما هو إلا مَأْسَسة للإرهاب، وشَرْعَنة للحركات الإرهابية، وتغطية دبلوماسية لمساعي هذه الكيانات، بهدف بَثّ الفرقة في المنطقة، وتقطيع أوصال دولها ذات السيادة كما تفعل في العراق وسورية واليمن. والسؤال هنا أين المنظمات والهيئات الدولية وأنظمة مكافحة الإرهاب الذي تقوده إيران في المنطقة عبر قوات الحرس الثوري وميليشياته ومرتزقته؟