خالد أبوذراع

لنفرض جدلا بأن أبا وجد مع طفله «سيجارة دخان»، وابنه الآخر أمضى ساعات طويلة في متابعة «الرسوم المتحركة»، وكِلا الطفلين لم يتجاوزا سن العاشرة من عمرهما.
ردة الفعل المتوقعة من الأب على متعاطي الدخان: زجره وربما معاقبته بأشد الأساليب التي يراها تردعه، ريثما يعود إلى صوابه.
الابن الثاني: على النقيض تماما سيكتفي وليه «بتهميشه» إما لصغر سِنه، أو بحجة قلة وعيه بما يشاهده.
يقول أحد الآباء: لقد تداخلت المفاهيم عند كثير من الأسر حتى تحولت التربية إلى مجرد تغذية للطفل، فلا توجيه يقدم، ولا سلوك يقوم، ولا مبادئ تشرع، ولا قيم تزرع.
فليست التربية مجرد لقمة توضع في فمه أو لعبة تقلب بين يده ولا شاشة فيها رسوم متحركة، ولكنها قيمة تزرع في عقله وتسقى بماء الإصلاح لتنبت كأحسن الشجر فيستظل بظلها بقية حياته.
أثبتت الإحصاءات: (أن الطفل يجلس أمام الرسوم المتحركة أكثر من الذهاب إلى المدرسة) وهذا مؤشر واضح على أن هناك متسعا من الوقت، وإن لم نحتويهم منذ صِغرهم، ونحدد لهم القنوات التي تزرع في أرواحهم حب الصالحين، وتسرد لهم قصصا ذات فكر نبيل، وخُلق إسلامي منير، وإلا سيكون الكذب والسرقة وحب الغزل الفاحش مُلازما لهم وعقبة في مستقبلهم, وتكاد تجمع الدراسات الاجتماعية والتربوية والنفسية على أن أخصب مراحل عمر الإنسان وأكثرها قابلية للتربية والتكوين والتحوير هي مرحلة الطفولة والصبا، وهي أطول طفولة من حيث الزمن من بين سائر المخلوقات المدرجة في سلم الحياة (كتاب مسؤولية الآباء د. عبدالرب آل نواب).
وربما كان الإفراط في مشاهدة التلفاز تقود الابن إلى التطرف نحو العنف أو العناد أو الضعف والانقياد.
وحذرت بعض الدراسات: من أنه لا ينبغي للطفل أن يتابع «الرسوم المتحركة» أكثر من عشرين دقيقة؛ لأنها تعني تدمير البناء النفسي والعقدي، وتعكس الفطرة السليمة التي ولد عليها الطفل.
وفي هذا الصدد قالت إحدى الأمهات: تجاهلت ابنتي ووجدتها تخر ساجدة لي؛ كان ذلك من أجل أن أحقق رغبتها! انتهى..
إن هذه التقاليد الشاذة وليدة الرسومات المتحركة الهابطة، وضريبة بقاء الأطفال عند الشاشات لساعات طويلة، دونما أي رقيب أو حسيب، سواء أكان ذلك في الروضة أو في المدرسة أو في الدار.
كما أنها كفيلة بالنضج والبلوغ المبكر لدى الأطفال, وسبب في رحيل البراءة عند بعضهم، «فـالفتاة التي لم تتجاوز التاسعة كأنها ذات سن الثامنة عشرة، والسبب ناتج عن عدم الشعور بالمسؤولية التي يضطلع عليها الآباء تجاه أبنائهم، وذلك عائد لكثرة الصوارف والشواغل التي تلهي الآباء عن مضامين التربية، كما أن ذلك عائد لبعض الرسوم المتحركة وما يتخللها من الحركات، والتأثر بالثقافات الغربية، وهذا مثبت علميا وملموس اجتماعيا, ومحرم شرعيا«، ويتردد بين المهتمين: أنه لا يمضي الشهر إلا وأكثر من أربع حالات لأبناء تقل أعمارهم عن عشرة أعوام يعتدون على محارمهم داخل البيوت. مستشار تربوي «وحسب ما رأيت أن العلاج يكمن في تحديد القنوات لمعدل الأعمار على سبيل المثال (المحقق كونان) هذا المسلسل الكرتوني يهتم بشريحة ما فوق سن (18 عاما) في العالم الغربي،»أما نحن فنخلط الحابل بالنابل مع أننا أحوج منهم، لاسيما أن ديننا يحثنا على العناية بالطفل والاهتمام بصحته العقدية والنفسية». كذلك ينصح بتحديد الوقت المناسب للمتابعة; لكيلا نجعل فلذات أكبادنا عرضة للخطر. الإسراع بحجب القنوات الكرتونية التي يتخللها غزو سلوكي، وفيها ما يضاد شريعتنا السمحة.المبادرة بوضع البديل من القنوات التي تقدس ذائقة الطفل، وتكرس في شخصه القيم الإنسانية والثوابت الإسلامية.. والبديل بلا شك موجود في الساحة الإعلامية.