حسام الطائي

منذ أن أسس تنظيم القاعدة الفكر الإرهابي رسميا وعمل به على مدى أعوام، وصولا إلى هذا الزمن، تم استهلاك هذا الفكر كثيرا بشعاراته وأساليبه وخطاباته، خصوصا أنه تحول إلى دستور عمل للجماعات الإرهابية، تسير عليه لتنفيذ عملياتها الإجرامية، وتنسخه كل جماعة تعتمد الإرهاب طريقا، وقد عمل كثير من الإرهابيين والجماعات الإرهابية بهذا الفكر الذي كان يؤدي إلى نهاية واحدة فقط، وهي كره المجتمع له، والموت المحتم أمام قوة الدولة العسكرية.
بعد هذه الخلاصة، يمكن طرح سؤالين، الأول: هل سيستمر هذا الفكر الإرهابي؟
والثاني: هل سيجد من يعمل به؟
بالنظر إلى التاريخ والمقارنة مع حالات مشابهة، ستكون الإجابة عن السؤال الأول: من المتوقع أن ينتهي الفكر الإرهابي خلال عقود، والقصد في أن ينتهي هو أن يصبح عدد من يؤمن به قليلا جدا، والدليل على هذا الاستنتاج، هو أن الفكر الإرهابي هو أيديولوجيا كحال الفكر الشيوعي والثوري وغيره من الأفكار التي ظهرت وانتشرت خلال حقبة معينة لظرف وأحداث خاصة بتلك الحقبة، لكنها جميعا انتهت وذهبت في غياهب النسيان.
فالشيوعية أسست دولا وعملت بها شعوب، وآمن بها قادة، لكنها بعد زمن صارت لا تصلح للعمل، ولا تقدم ما هو مفيد ونافع، بل أصبحت ثقلا على الأفراد والمجتمع، بالتالي نبذوها وانقلبوا عليها، فسقطت كل الدول والأحزاب والقادة الذين عملوا بالشيوعية، ورغم التحديث والتغيير في جوهرها، إلا أنها توفيت ولا يمكن إحياؤها.
كذلك الفكر الثوري الذي أثار الجماهير حوله، كان مفيدا لمرحلة معينة، فصنع الولاء المطلق للقائد الأبدي والمثالي، مغير الحال والسائر بالبلاد نحو الأفضل، بعدها أصبح هذا الفكر مكروها فثارت عليه الجماهير وأطاحت بالأنظمة الثورية وقادتها، فجميعها ارتفعت لزمن وانتهت تحت الأقدام. الفكر الإرهابي كذلك سيمر بالدورة نفسها، فهو انتشر في مرحلة ما، والآن بدأ بالضمور مع نهاية «داعش» الإرهابي في العراق، فستتحطم آخر قلاعه، بالتالي سيشاهد من كان يملك جزءا صغير من التأييد، أن نهاية هذا الفكر هي الموت على ظلاله، وأن فلول من يؤيدونه سينتهون أينما ذهبوا.
أما السؤال الثاني: هل سيجد الفكر الإرهابي من يعمل به؟، فالجواب هو كلا، وقد لا يكون الآن، ولكن بعد عقد أو أكثر بقليل، والاستنتاج في ذلك، هو أن جميع من عمل بالفكر الإرهابي عاشوا في أسوأ الظروف وأكلوا أسوأ الطعام، شبابهم وطاقاتهم ضائعة في أعمال لا نفع منها ولا شكر عليها، ولا تستحق الذكر من أحد، تحت قيادة شخص لا يستحق ولا يصلح للطاعة، يسعون إلى أهداف لا يمكن تحقيقها.
الشباب اليوم صار أكثر وعيا، بسبب جهود مكافحة الإرهاب والتوعية وانتشار الإنترنت الذي فتح أبواب الثقافة والعلم و الابتكار.
الحياة تحولت نحو السهولة في كل شيء، في السفر والدراسة وإطلاق المشاريع وتوافر الأعمال، إن لم يكن في البلد فسيكون في البلدان الأخرى، وغير ذلك كثير من الأمور التي جعلت الحياة أجمل وأفضل لعيشها بسلام وإنتاجية، بدلا من المعاناة والبؤس مع جماعة تتخيل أن كل المجتمع والعالم على خطأ.
بالتالي، كنتيجة للمستقبل القريب وعن طريق المقارنة التاريخية مع الأفكار الأخرى، وتطور الحياة وسهولتها، سيكون الاستنتاج أن الفكر الإرهابي سينتهي، ولن يجد من يؤيده أو يعمل به.