أكتب ظهر الخميس، وقبل أربع ساعات، من إعلان الدولة الفائزة بشرف استضافة نهائيات كأس العالم لعام 2022. يساورني أمل جارف محفوف بإطار من الشك أن تستطيع الشقيقة قطر هزيمة أميركا واليابان وأستراليا وأن تنفذ من ـ الثقب ـ الصعب كي تشعر عشرات الملايين من أجيالنا المحبطة أننا قادرون على الخروج من ـ الكهوف ـ إلى احتفالية الأضواء الكاشفة ومن تنظيم ـ القاعدة ـ إلى تنظيم الحشود والجماهير. لا تقف الإرادة ولا الإمكانات في وجه الأشقاء من الدوحة بقدر ما تكون الظروف، أو قد تكون لا أدري، سبباً في إضاعة هذه الفرصة التي قد لا تتكرر. هنا مقارنة تقرأ الملفين القطري والأميركي بحسب ما تابعت ليلة البارحة. قدمت الدوحة في الجوانب الإنشائية من البنى التحتية ملفاً من فئة ـ النجوم السبعة ـ بدءاً من عشب الملاعب وانتهاء بالبذخ الفندقي وتعهدت ببناء ملاعب ستكون صرخة القرن القادم في كرة القدم. لكن الدولة الشقيقة سقطت في حبائل (اللغة) فقد شاهدت حفل التقديم للملف القطري يقوم على التحدي والاستعطاف. التحدي مع الطقس الذي سيصل لدرجة الخمسين ومع شكوك العالم في قدرة مدينة واحدة لأن تستضيف كل النهائيات في محيطها وهذا لم يحدث من قبل. التحدي في قدرة دولة على توفير الجماهير اللازمة لأن عدد هذه الجماهير في المعدل يبلغ ثلاثة أضعاف سكان الدولة. الاستعطاف لأننا من هذا ـ الشرق الأوسط ـ وهذه المفردة الجغرافية السياسية كافية لأن تدخل الشكوك في نفس كل من يقترع لنا في محيط من المنافسة.
وفي المقابل قدمت أميركا ملفها تحت امتياز التعددية الخلاقة. تبارى على كلمات التقديم ممثل أسود اسمه ميرفن مورجان ثم تلاه أوباما، الهجين الأسمر، في كلمة متلفزة ثم تبعه رئيس الاتحاد الأميركي لكرة القدم واسمه سونيل جولاتي، من أصول بنجلاديشية. كأن أميركا تقول للعالم كله: نحن العالم بأسره في صورة مختلفة. نثرت خريطة التنظيم على 18 مدينة في اثنتي عشرة ولاية ثم انتهت بالقول: نحن جاهزون لاستقبالكم ولو في مفاجأة تبدأ من صباح اليوم الجمعة. عدد سكان فنادق أميركا في هذه اللحظة يساوي بالضبط عشرة أضعاف سكان الدوحة لأنها قدمت في ملفها عشرة ملايين غرفة فندقية. هل تنتصر قطر عند الساعة السادسة من مساء الأمس أم تكتفي بشرف المنافسة بكل ما لهذا التحدي من دلالات موجبة؟ هل انتصرت بالفعل في مواجهة العملاق الأميركي أم تكفيها فقط هذه المقاربة في وجه أميركا واليابان وأستراليا؟