المرأة قوية، وتتكيف مع كل الظروف، وليست اليوم كامرأة الأمس. المرأة بحاجة لولي منفق يلتزم بها ماديا، ولا يأخذ الولاية لمنحى التحكم؛ بل تكون حبا ورحمة ورعاية
حين تثار قضايا المرأة أو أي قضية يحتدم الصراع وتعلو الأصوات، ولا نعود نعلم أو نميز المطالب التي تؤسس للحقوق من تلك التي يراد بها استلاب ما ليس بحق.
قضية المرأة تداخلت فيها ضرورة سن قوانين تحفظ حقها إن ظلمت أو اعتدي عليها، ومن أهم القوانين التي خدمت حق المرأة المالي تطبيق نظام البصمة في المحاكم والوكالات الشرعية.
هذا النظام حمى المرأة من زوج أو أخ ظالم يأكل حقها باسم كونه معرفا، حيث إن البصمة أصدق إنباء من المعرّف!
هذا مثل صارخ على أن التقنية خدمت المرأة ماليا كما خدمتنا ووفرت علينا الكثير من العناء حين أصبحنا نعتمدها في دفع الفواتير والشراء والبيع، وأصبحت وسيطا ممتازا.
لن يدرك رجل أهمية التقنية لامرأة تستأجر سيارة ذهابا وإيابا للبنك لتسدد فاتورة، فهو لا يعاني ما تعانيه، والتقنية أفادت وسهلت الكثير في حياة البشر، وهذا أمر مفروغ منه.
موضوعي اليوم تحديدا عن الخلط بين الحقوق وخبث نوايا.. تصور أن المطالبة بالحقوق تعني الانفلات من كل قيمة والتزام أسري، هذا خلل في التصور والفهم، فنحن مجتمع مسلم محافظ لا يرضى أفراده الانفلات للشاب فضلا عن الفتاة.
ما الذي يحدث؟ ومن يوجه الشباب في قضاياهم المندفعة؟سأضرب مثلا قد يبدو بعيدا، وهو التفاعل السلبي مع بدء الدراسة وكل ما يرافقه من تهكم أو تألم لا نجده في بقية الوظائف.
هناك حراك ينبع من صغار السن الذين يسيطرون على وسائل التواصل بحكم امتلاكهم الوقت والمعرفة والطاقة والحماسة، فلم يعد من الغريب أن يحبط المعلم ويصده عن رسالته الثمينة رسالة جوال تسخر من العودة أو تطالب بتعليق الدراسة!
هذا المعلم أو المعلمة يتلقى رسالة سلبية من إنسان بليد فتؤثر، فمن الأولى أن يتأثر الطالب فتتساقط المعنويات تساقط أحجار الدومينو مع سقوط أول حجر لآخر حجر!
هذا بالضبط ما يحدث ممن يتعرضون لقضايانا الاجتماعية هنا ليسوا صغار السن، بل الجهال من ناقصي الوعي ولو شاب القذال، أو أصحاب مصالح مرسلة خاصة بهم؛ هؤلاء يتكاتفون ويؤيد بعضهم بعضا، ولا تدري عن خلفية المتحدث، فهو حين يقول «الغرب يريد إخراج المرأة لتعمل»، بينما هو يبحث عن عمل لإحدى قريباته..أو حين يردد نريدها أن تبقى «معززة مكرمة في بيتها»، وهو لا ينفق على من يعول ويترك أمر النفقة لامرأة!
كثير من الأوهام تحيط نظرة من يعادي المرأة، ويقف أمام ما يمسها من بطاقة الأحوال لبطاقة الصراف! هل الألفة هي ما يمنعهم من قبول القادم خاصة فيما يتعلق بالمرأة ومطالباتها؟
أم أنه الخوف من تجربة لم يدركوا أبعادها؟! رفعت سيدة دعوى على طليقها لينفق على بناته بعد سنوات؛ وحكم للبنات بنفقة بسيطة، الأب غضب وعاتبه إخوته لأنه لم يعجل بتزويج البنت!
هذا الأب نموذج لفئة تحاول التنصل من التزاماتها وليسوا كثرة ولله الحمد، لكن وجود مثل هذه النماذج يستدعي وجود حقوق مرعية تردع الظالم للمرأة ولو كان وليها الشرعي.
في موضوع الولاية تبدع الأستاذة همسة السنوسي في مناقشة الفكرة وتبيان الجانب الشرعي والقانوني وغيره، ما يميز نقاش الحقوقيات النساء أنهن يعين ما يواجه المرأة من عقبات، ويناقشنها ويبحثن عن حلول منطقية تغيب عن وعي الذين ينظرون من ثقب الخوف على المرأة وعدم الثقة بها.
المرأة قوية وتتكيف مع كل الظروف، وليست اليوم كامرأة الأمس معتمدة تماما على الرجل في تصريف أمورها، بل تحتاج مساحات من الحرية، فليست الأم الحاضنة المربية لأبناء بانتظار أن يكبر أحد أبنائها ليسمح لها بالسفر، ويصبح وليا عليها بينما هو يأخذ نفقته منها!
المرأة بحاجة لولي منفق يلتزم بها ماديا ولا يأخذ الولاية لمنحى التحكم؛ بل تكون حبا ورحمة ورعاية.
كم ضاعت حقوق أمهات وبنات بتسلط ولي غير واع أو بعيد عنها؛ يبقى أمر مهم في قضية المرأة وفي اختلاط العادات والأعراف بالحقوق وأحكام الدين، ومعروف ما للعرف في ثقافة العرب من قيمة لا يمكن تجاهلها، الحل تعزيز ثقافة الحقوق وتأكيدها مع الواجبات.
ختاما قضية الطلاق مثلا يجب أن تكفل حقوق الأم الحاضنة والطفل، ويتم فيها تفصيل الرعاية وغيرها، يحدث هذا أثناء إتمام إجراءات الطلاق فلا تحتاج الزوجة لرفع دعاوى وإثبات حاجتها للنفقة؛ مما سيوفر العناء على المرأة، ويحفظ للطفل حقه، ويمنع المستهتر من التخلي عن الأبناء بعد إنجابهم، وفي هذا جانب مهم من إنصاف المرأة.