أعلنت هيئة جائزة الملك فيصل العالمية، في احتفال كبير شهدته قاعة الأمير سلطان بالفيصلية في الرياض، تتويجَ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وهو الفرع الأول من عدة أفرع تتوزعها جهود العلماء في العالم كله، تسابقا نحو نيل الجائزة من ملك المملكة العربية السعودية، في تظاهرة ثقافية يُدعى إليها كبار الشخصيات العالمية من بلدان العالم، ووسط حضور ثقافي لافت اعتدنا عليه كل عام على مدى 38 عاما مضت.
لكن جائزة هذا العام اختلفت بمنح الجائزة لرجل عرفه القاصي قبل الداني بخدمة الحرمين الشريفين، كأول عمل أعلنَته هيئةُ الجائزة لنيل الاستحقاق، وخدماته الإنسانية المقدمة إلى كل العالم التي حث عليها الإسلام، فكان الملك سلمان سبّاقا بإطلاق مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية، حتى رأينا جهود المركز تجوب العالم على مختلف أنواع الإغاثة، وهو ما يمكن أن نسطره لاحقا كأحد منجزات الملك سلمان «حفظه الله».
لكن المنجز الذي لمع في حياة سلمان بن عبدالعزيز، هو اهتمامه بالحرمين الشريفين، وخدمة دينه وأمته على فترات حياته، فقد كان -حفظه الله- يدا بنّاءة مع الملك الراحل فهد بن
عبدالعزيز في توسعة الحرمين الشريفين، وإقامة المراكز الإشعاعية في العالم كله، لتكون مراكز دعوية للنشر الديني الإسلامي في بلاد الأقليات، واليوم عندما نسجل جانبا من هذه الإنجازات يجعلني أقف عند بيان الهيئة العليا للجائزة، إذ عددت هذه العطاءات من خدمة الإسلام والمسلمين، والإشراف على هيئات الإغاثة الإسلامية، لعُمر امتدّ أكثر من أربعين سنة، وحملات جمع التبرعات التي يشرف عليها عندما كان أميرا لمنطقة الرياض، ورئيسا للعمل الخيري والتطوعي، وداعما لسنابل الخير والمسابقات القرآنية العالمية، وإنشاء المكتبات الوقفية، وكان -حفظه الله- لا يتوقف عن دعم أي عمل يسهم في خدمة الإنسانية، ولهذا جاء أمره الكريم منذ أيامه الأولى لتولي مقاليد الحكم، بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية، والذي وقّع اتفاقيات شراكة مع كثير من الهيئات والمنظمات العالمية، لتصل مساعدات المركز إلى أصقاع الدنيا كلها.
بهذا وغيره، استحق الملك سلمان -حفظه الله- اليوم التتويج بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام في دورتها الحالية، وبحضور عدد كبير من الشخصيات العالمية التي حضرت مشاركةً منها للفرح بهذا الحدث العالمي الذي أصبح يمثل نقطة بارزة في حياة الثقافة السعودية، ويتبوأ مكانة في نفوس المسلمين، نظرا للمكانة التي تحتلها المملكة وقادتها في أرجاء المعمورة.
ويكفي شرفا أن خدمة المسجد الحرام والمسجد النبوي وحجاج بيت الله الحرام وقاصديهما، يمثل أعلى شرف لكل مسلم، كيف واختيار قائد هذه البلاد لاسم خادم الحرمين الشريفين ما هو إلاّ تأكيد لأحقية هذا الشرف الذي يحمله كل سعودي، جعل خدمة الحرمين وإنشاء المساجد هدفا لا يضاهيه أي عمل آخر.
لقد نال سلمان الجائزة، لأنه يستحق ذلك تكريما لتلك المرحلة الطويلة التي بدأها بمعية والده المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل «رحمه الله»، وملوك هذه البلاد، وعلماء هذه البلاد الذين هم بجواره طوال رحلة عمله، وما زال يكرم العلماء ويستمع منهم إلى ما فيه خدمة الحرمين الشريفين وبلاد المسلمين عامة وشؤون بلاده، ومجالسه -أيده الله- شاهدة حاضرة تنقل هذا الأمر إلى أبنائه، ليكون قدوة في العمل الخيري الإنساني لخدمة هذا الإسلام، وحرصا منه على أن هذه البلاد تطبق شريعة الله منهجا في كل شؤونها، وفي مقدمتها خدمة الإسلام والمسلمين.
تهنئةٌ من كل مسلم لخادم الحرمين الشريفين هذا الاستحقاق العالمي في إحدى الجوائز العالمية المرموقة.