عاطف آل رحاب

لست أدري إلى متى سنعول كمسلمين على الغرب والمجتمع الدولي في حل قضايانا ومشاكل منطقتنا وأمتنا؟ ولست أدري ما سبب عدم تكاتفنا والسعي إلى وحدة كلمتنا ومواقفنا إلى هذا اليوم؟ ولست أدري إلى متى ستظل سياسة نفسي ومصالحي طاغية علينا كدول إسلامية؟
إننا كمسلمين موحدين بالله سبحانه لدينا المنهج والدستور السماوي الواضح والصريح، فلماذا نلجأ إلى شريعة الغاب هذه المتمثلة في المنظمات العالمية العنصرية التي لا ترحمنا ولا ترأف بنا، بل ولا تلقي لنا بالا؟ والتي يأكل القوي فيها الضعيف، إن الله سبحانه قد أمرنا أمراً واضحاً بضرورة أن نتكاتف ونتحد ونوحد صفوفنا بقوله «واعتصموا بحبل الله جميعا»، فلماذا نتباعد ونختلف ونتفرق ونتشرذم والأخطار محدقة بنا من كل جانب، تستهدفنا في عقيدتنا وفي وحدة كلمتنا وفي تركيبتنا الاجتماعية، وتستهدف غزو بلادنا وتدميرها ونهب ثرواتها..
إن أصغر فرد منا يعي ويدرك تماماً أن حلول مشاكل بلادنا الإسلامية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تأتي من الغرب، فكيف نطلب الدواء من المتسبب في الداء؟ أيعقل أن نحثهم بل ونجلس معهم ونتفاوض لكي يجدوا حلولاً لمشاكل هم من افتعلها، وعلى سبيل المثال لا الحصر وجود تنظيم داعش الإرهابي الذي عاث فساداً وخراباً في دولنا، ونحن نعرف جميعا من يقف وراء تنظيم داعش، وهذا لا يخفى على أحد!
وبالعودة إلى كتاب الله سبحانه نجد أنه أوضح لنا أن المهيمنين والمسيطرين على المنظمات الدولية الكبيرة من يهود ونصارى لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يرضوا عنا كمسلمين إلا في حال واحدة «أن نتبع ملتهم»، قال تعالى «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير».
يقول ابن جرير في تفسير هذه الآية: يعني بقوله جل ثناؤه (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم): وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدا، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق.
وإن كان الحال كذلك فلماذا نستحي ونخجل من أن نعلنها صراحة بأن الحلول لمشكلاتنا لا يمكن أن تأتي من هؤلاء القوم الذي هم بمثابة أعداء لنا؟ لا أدعو إلى أن نقاطع المنظمات الدولية أو أن نقطع العلاقات الدبلوماسية أو أن نعلن العداء لها، ولكن نتعامل معهم ونجتمع ونتباحث ونحثهم على احترام عقيدتنا ووحدة صف أمتنا وبلادنا مع العمل الدؤوب على إحياء الوحدة الإسلامية بشكل حقيقي وليس مجرد مظاهر أو ديكور، فالمسلمون اليوم لديهم منظمة كبيرة تسمى منظمة التعاون الإسلامي. فلماذا لا يتم تطويرها وإعطاؤها دوراً كبيراً وفعالاً لتكون أقوى من المنظمة الدولية المسماة بالأمم المتحدة؟ إن ملياراً وأربعمئة مليون مسلم في شتى بقاع الأرض يجب أن تشملهم منظمة خاصة بهم، بأجهزة وأذرع فعالة ونشطة لتحل مشاكلهم وتنتصر لضعيفهم من ظالمهم، وتعالج مرضاهم، وتطعم فقراءهم، وتكون حارساً لهم بعد الله من مطامع أعدائهم، فالوحدة الإسلامية هي الملاذ الآمن والأخير والفرصة الوحيدة المتبقية لنا كأمة لها ثقلها ووزنها نراها ضائعة اليوم ومشتتة وتداعى عليها الأمم بسبب تفككها وتشتت كلمتها وبعدها عن تعاليم ربها، وإنا لله وإنا إليه راجعون.