يُعرف قانون الملكية الفكرية بأنه «مجموعة من التشريعات من الحقوق القانونية التي تمكن المؤلف من منع أي شخص آخر من استخدام عمله دون الحصول على إذن، أو تمريره على أنه عمله الخاص»، ونرى كيف أن الكثير من قضايا الملكية الفكرية بدأت تزدحم في ساحات المحاكم، وأن الغالبية من المفكرين والمبدعين بدؤوا يثقفون أنفسهم على كيفية حماية نتاجهم الفكري، ويقومون بكل الخطوات اللازمة من أجل تأمين ذلك، ولكن بكل سذاجة تجد الكثير منهم يقدم منتجه على شبكات التواصل الاجتماعي بعد أن ضغط على مفتاح واحد فقط «أوافق»!
جميع البرامج، خاصة المجانية، بعد أن ننزلها ونبدأ بتفعيلها تظهر لنا وثيقة تحت مسمى «شروط الخدمة»، والمعروفة أيضا بشروط الاستخدام، أو بنود وشروط الاستخدام؛ وهي القواعد التي يجب على المستخدم أن يوافق على الالتزام بها من أجل التمكن من تفعيل الخدمة، هل نقرأ كل واحدة منها؟ هل نذهب إلى الكتابة بالخط الصغير خاصة وندقق بما جاء فيها؟ أشك في ذلك، لأن معظمنا ينزل البرنامج ويضغط على كل المفاتيح المطلوبة، ومن ثم ينطلق!
لنأخذ مثلا برنامج «سناب شات» المستخدم من غالبية أصحاب جهاز «الآيفون»، ولكي نتعرف عليه أكثر ما علينا إلا الرجوع إلى القضية التي رفعت من قبل ريجي براون، ضد بوبي ميرفي وإيفان شبيجل بخصوص ملكية البرنامج، حيث شعر براون أن ميرفي وشبيجل قاما بحرمانه من الشراكة في التأسيس، وتم نفيه خارج المشروع، القضية ليست هنا، ولكن ما ظهر خلال التداول في المحكمة مما تم تقديمه من وثائق وأدلة، أن الهدف الأساسي من بناء البرنامج كإجابة عن سؤال: «ماذا لو كانت هناك طريقة لإرسال شخص ما صورة تختفي على الفور تقريبا بعد ذلك، وبالتالي تمكين المرسل من السيطرة على الصور الخاصة به؟»، المهم كان تفكيرهم في شريحة معينة من المجتمع؛ هن البنات، أو ما ظهر في مراسلاتهم أنهم أطلقوا عليهن «العاهرات»! لأن هذا ما كان الجنس الآخر يمثل لهم كشبان في مقتبل الحياة في جامعة أوكسفورد! «ندع الفتيات ينطلقن دون أية قيود أو خوف من أن ما يرسلنه سوف يعود ليطاردهن فيما بعد». (للمزيد راجع ملفات القضية التي نشرت في التقارير الصحفية)! إذًا على هذا المبدأ تم التأسيس! لكن الذي نجده أن الاستخدامات تعددت من تنكيت وسخافات وحركات ساذجة ومقاطع لطالبي الشهرة من عالم الفن والأزياء والموضة، وأصحاب المقاطع الصادمة أو الغريبة لشد المتابعين، إلى مقدمي دروس في الأخلاق والدين والفكر والتنمية الذاتية، والمجموعة الأخيرة من سلموا حقوق الملكية بكل سهولة! إن كل ما تبثه في هذا البرنامج ليس ملكك، لأنك متى ما ضغطت على ذلك المفتاح «أوافق» تكون قد تنازلت عنه مسبقا، لأنك بهذا تكون قد وافقت على شروط الخدمة، وهي الموافقة على أن جميع البيانات هي ملك لهم، وأنه يمكن أن يفعلوا بها كل ما يريدون.
 ورغم أن الشركة تدعي الخصوصية، ولكنها لا تقدم أهم نقطة ألا وهي الحماية الفكرية أو حماية ملكية ما تبثه حتى وإن قمت بحذفه! فحسب شروط الخدمة الخاصة بالشركة تقول إنها تقوم بتخزينها، ولها الحق في بيع تلك المعلومات كأصل للشركة التي يمكن بيعه، انظر داخل بيانات الاستخدام الخاصة بشروط الخدمة، وانظر أيضا إلى الجزء الخاص ببنود سياسة الخصوصية، حيث يظهر التالي «لا يمكننا ضمان أن الحذف يحدث دائما ضمن إطار زمني معين»، ركز هنا على معنى «إطار زمني معين»، وهنا يكمن التلاعب! وهذا أمر مهم جدا، لأنك عندما تنشئ حسابا على هذا البرنامج فإنك توافق قانونيا على هذه البنود على الرغم من أن ذلك يتعارض تماما مع ما يسوقونه!
 اعلم أنك متى ما قمت بنشر أي شيء، سواء كان صورة أو مقطعا، أنك بذلك تتخلى عن إمكانية التحكم في: أين ستذهب تلك الصورة أو ذاك المقطع! تعتقد أنك لو استخدمت اسما مستعارا حميت نفسك من أن تستيقظ ذات يوم وتجد ما نشر يحمل اسمك! هذا خطأ... فجهازك مسجل على هيئة أرقام ورموز، وكل ما تقوم به من تحميل وتنزيل وزيارة مواقع وحتى المعلومات التي تحذفها كلها موجودة، ويستطيع المختصون الوصول إليها، متى ما أرادوا ذلك، وعليه قبل أن تنشر على الإنترنت أسأل نفسك: هل هذه معلومات عامة أم خاصة؟ فكر فقط بمسيرة هذه المعلومات داخل بحر النت من سيرفرات وشركات هاتف وأجهزة حتى تصل إلى من تريد، ثم قرر إن كانت ستبقى خاصة أم لا، ركز حقا على التالي: لماذا برأيك تقدم الشركة التطبيق مجانا؟ لأنك السلعة! فهي بالنهاية تجمع البيانات عنك، ومن ثم تقوم ببيعها لشركات التسويق، وعندها إن كان ما نشرته في مجال فكر أو إبداع، ستجد أنه أصبح ملكا لغيرك، ولا تستطيع أن تقاضيه.... وبفم ساكت تخضع وتنصاع!