علي آل مداوي

تكتسب المملكة محبة ونفوذا قويا بدول إفريقيا من محورين أساسيين: المحور الأول الرمزية الدينية والروحية للمملكة كونها حاضنة بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف، ودورها الريادي لخدمة الإسلام وما تقوم به لخدمة ونصرة قضايا الأمة الإسلامية.
أما المحور الثاني فدعمها لدول إفريقيا بالمساعدات الإنسانية التي تعد منطلقا من مبادئ وثوابت دينية في السياسة الخارجية للمملكة، ويعد الصندوق السعودي للتنمية بمثابة الجهاز الأساسي المعني بتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للدول الإفريقية في القطاعات الصحية والتعليمية والاجتماعية والإسكان والبنية التحتية.
فالمملكة تسعى في سياستها الخارجية لبناء علاقات متينة اقتصادياً مع الدول الإفريقية، لأن الاستثمار بإفريقيا مفتوح، كما أن إفريقيا سوق استهلاكية للمنتجات السعودية التي تكتسب الجودة لدى المستهلك الإفريقي، كما يخول للمملكة فرص الدخول في شراكات واستثمارات واسعة بحكم موقعها الجغرافي كبوابة جسر بين قارتي آسيا وإفريقيا.
وقد أولت المملكة لعلاقاتها الخارجية مع دول وشعوب القارة الإفريقية أهمية بالغة تمليها اعتبارات حسن الجوار ووحدة الدين واللغة والمصير والمصالح المشتركة، وفي هذا الشأن فإن مسار ازدهار الدبلوماسية السعودية في إفريقيا له أبعاد ودوافع سياسية واقتصادية وأمنية لتحقيق مصالحها التي تتمخض في الآتي:
• ازدهار العلاقات الدبلوماسية على المستوى السياسي بشكل أكبر يتبلور عبر تبادل زيارات المسؤولين وتبادل التمثيل الدبلوماسي، والمشاركة في الفعَّاليات الإفريقية، بالإضافة إلى الزيارات المتبادلة التي باتت تتم بوتيرة متسارعة، وبوفود عديدة، متنوعة في الخبرات، كما تستضيف كل سنة المملكة ضيوف خادم الحرمين الشريفين لأداء مناسك الحج.
• تعاون اقتصادي مشترك، وبحث سبل زيادة دعم التعاون وتطوير وتعزيز التبادل الاقتصادي بين المملكة ودول إفريقيا، وزيادة حجم التبادل التجاري والتركيز على الفرص الاستثمارية الأكثر جذبًا في إفريقيا، ولا شك أن دول إفريقيا تعد سوقاً واسعة، ويستفاد من التعاون المشترك الاقتصادي.
• مكافحة الإرهاب الذي يشكل بجميع أشكاله ومظاهره واحداً من أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، لذا بادرت المملكة وأنشأت التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، وينسق كافة الجهود لمجابهة التوجهات الإرهابية، وهو الملف الذي يأتي على رأس القضايا ومحل الاهتمام المشترك في العلاقات السعودية مع دول إفريقيا.
• تنويع خارطة تحالفات المملكة الإقليمية، خاصةً أن دول إفريقيا تحتل المرتبة الثانية بين الكتل التصويتية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما لديها حالياً مقعدان غير دائمين مصر، والسنغال في مجلس الأمن الدولي، وتحرص المملكة على التنسيق السياسي مع الدول الإفريقية للقضايا الساخنة التي تهمّ المملكة مثل الأزمة السورية، والقضية الفلسطينية وغيرها من القضايا لكسب الأصوات.
• التعاون العسكري والمناورات المشتركة مثل مناورات «رعد الشمال» التي شاركت فيها دول إفريقية التي تعتبر من أولوياتها تدعيم مصالحها الأمنية.
بات جلياً أن ازدهار الدبلوماسية السعودية في إفريقيا التي ينتشر فيها الإسلام قد انعكس إيجابياً على المستوى الحكومي والشعبي، وأصبح دوراً بارزاً للمملكة في تعزيز العلاقات، واهتمام تلك الدول بالعلاقات مع المملكة، التي تشهد نمواً مطرداً تحكمه جملة من المبادئ والقيم الإسلامية، وتولي المملكة علاقاتها الخارجية مع دول القارة الإفريقية أهمية بالغة تمليها اعتبارات المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.