كنت من أوائل من ابتهجوا كثيراً بالعمل اليوتيوبيّ الشهير (عيد وسعيد)، أول ظهوره ونوره، وكنت ربما، من أوائل من كتبوا عنه هنا في «الوطن» قبل عامين.
قلت وأعيد، إن أهمية مثل هذه الأعمال التي يقوم بها هواة بمجهودات شخصية في الغالب، والتي تمس حياة المجتمع في شكله الحقيقي دون رتوش أو تلميعات، أهميتها: تحريك الراكد الاجتماعي.
الذي يجعلني أستعيد مثل هذا الكلام لأؤكد عليه من جديد، هو تلك الحملة الشرسة طيلة الأيام الماضية، ضد هذا العمل الفني البسيط، والتي قام بها مجموعة من الناشطين على تويتر، وكذلك مجموعة من وجهاء منطقة الباحة، الوجهاء الاجتماعيون والإعلاميون، بزعمهم أن هذا العمل الجميل جداً والطموح، يسيء إلى مجتمع الباحة.
الحملة الشرسة تلك، تجاوزت حدود طرح الرأي، إلى تجييش مجموعة كبيرة من أبناء الباحة، لرفع دعوى قضائية على الطاقم الفني للعمل، الطاقم الذي لا يتجاوز عدده عشرة أشخاص، بمجهودات تأليفية ومادية وتقنية فردية، وضرب أرقام مشاهدات عالية.
أن يتحول الأمر إلى قاعات المحاكم، بسبب مسلسل يتناول الإرث الاجتماعي لمنطقة الباحة في قالب كوميدي بسيط وحقيقي، ويعبّر عن حقبة زمنية ماضية خير تعبير، فنحن إزاء مأزق فكري وثقافي واجتماعي لدى كل من عارض وجيّش، لأن المجتمع المتحضّر والمثقف هو المجتمع الذي يسخر من نفسه.
مشكلة من وقفوا ضد هذا العمل ليست مع العمل نفسه، بل مع أنفسهم.