في السيارة أستمع للراديو، قال المذيع لضيوفه: دعونا نسمع هذه الشيلة ونعود إليكم.
كانت الشيلة بصوت نسائي. سأل المذيع أحد الضيوف: ما رأيك في الشعر النسائي؟ وهل من الممكن أن تتعاون مع شاعرة وتُنشد لها؟، فأجاب: إنه ضد وجود المرأة في الساحة الشعرية عموما، وإن عاداتنا وتقاليدنا تفرض علينا ذلك، خصوصا في الغزل، وإن الشاعرات في زمن الأجداد مختلفات عن شاعرات اليوم.
سأله المذيع: ماذا لو أعطتك إحدى الشاعرات مليون ريال مقابل أن تنشد لها؟ فضحك وقال: «يا رجال الحرمة من وين لها مليون». ضحكوا جميعا وتوجه المذيع إلى المنشد الآخر وسأله عن رأيه، فكان أقل حدة من صاحبه، إذ قال: سأوافق، لكن بضوابط، مثل أن تكون القصيدة وطنية، أو عن تعظيم الذات الإلهية، وبشرط أن يكون هناك وسيط بينه وبين الشاعرة، كمنسق أو محرم.
اللقاء كان طويلا، وذُكرت فيه عبارات معروفة ومنتشرة في المجتمع مثل «الحرمة ما لها إلا بيتها وعيالها»، وغيرها من العبارات.
أعود إلى موضوع المرأة والشعر، إذ يوجد تناقض غريب في مجتمعنا بتعامله مع المرأة، خصوصا في الشعر والقصائد، فالناس يتقبلون وصف الشاعر لحبيبته والتغزل بكل تفاصيلها ، من جمال عينيها إلى أخمص قدميها وبدقة متناهية، بل إن بعض الشعراء يذكرها بالاسم، وقد تكون هذه الحبيبة معروفة في محيط عشيرتها وعائلتها، ويتقبل الناس ترديد هذه القصائد والأبيات والتغني بها، ولا يستعيبون ذلك! وفي الوقت نفسه يستعيبون قول المرأة للشعر!.