لقد عشتم بيننا سنوات طويلة كنا فيها الأكثرية، ولم نقتلكم أو نظلمكم أو نمنعكم عن ممارسة شعائركم الدينية، بل حافظنا لكم على وجودكم وساندناكم في أحلك الظروف
سنوات من الصراع المرير مرت ولا يبدو أنها ستنتهي قريباً، سنوات من القتل والترهيب، من الحقد والكراهية، من العمالة والخيانة، سنوات قضيناها وأنتم تقتلون شعوبنا من البحرين إلى بيروت مروراً باليمن وسورية والعراق، سنوات وأنتم تلعنوننا وتتهموننا بالعداء لآل البيت رضي الله عنهم، دون وجه حق أو دليل يثبت هذا الاتهام الخطير، والذي يخرجنا عن إيماننا بالله ورسوله وكتابه الحكيم.
إلى الشيعة العرب أتوجه اليوم برسالة علها تعيدهم إلى رشدهم، وتبعد من باع منهم نفسه بأبخس الأثمان لإيران ومشروعها التدميري في المنطقة.
لقد عشتم بيننا عشرات بل مئات السنين، ولم يكن هنالك اقتتال بيننا وبينكم، عملتم بسننا وتزوجتم منا وتزوجنا منكم، وتشاركنا الأفراح والأحزان وربينا أجيالا على المحبة والسلام وتقبل الآخر، حتى وصلنا إلى مرحلة لم يكن يميز أبناؤنا الفرق بيننا وبينكم، فلم يكن هناك من يجرؤ على سؤال أحد عن إيمانه ومذهبه ودينه، وكنا سوية نقاوم الانتداب الفرنسي والبريطاني، وانتقلنا إلى خطوط الدفاع عن دولنا العربية بمواجهة مع العدو الإسرائيلي، ولم تكن هنالك مقاومة سنية ومقاومة شيعية، بل كانت مقاومة وطنية حتى 1979، عندما جاء إبليس إيران المؤسس «الخميني»، حاملاً ثورة إرهابية خبيثة غلفها بالشعار الإسلامي لنكتشف -وأنتم تعلمون هذا جيدا- أنها جاءت بخطط تبدأ في طهران ولا تنتهي في بيروت البعيدة نسبياً، بل كانت أحلام هذا الشيطان في تزايد، وآخرها أن ترك وصية يتمنى فيها أن يرى علم إيران يرفرف فوق عواصم عربية، ولم يستثن يوماً مدينة مكة المكرمة من أحلامه الخبيثة، وأراد وعمل دائماً على التشويش الدائم على مواسم الحج، وكان له الدور الأكبر في استهداف الحرم المكي والتسبب بسقوط قتلى وجرحى في تفجيرات إرهابية، أكدت التحقيقات أن لدبلوماسيين إيرانيين يدا فيها، فهل هذه ثورة إسلامية حقة، أم أنها مشروع تخريبي طائفي حاقد على الإسلام والمسلمين؟
لقد عشتم بيننا سنوات طويلة كنا فيها الأكثرية، ولم نقتلكم أو نظلمكم أو نمنعكم عن ممارسة شعائركم الدينية، بل حافظنا لكم على وجودكم وساندناكم في أحلك الظروف عندما اجتاح الإسرائيلي قراكم وبلداتكم، وهجركم بالآلاف إلى مدننا وأحيائنا التي فتحت أبوابها لكم، ولم تبخل عليكم بالمساعدات والطعام والمال، وكانت دولنا العربية الإسلامية السنية هي التي أعادت إعمار قراكم وبلداتكم ومساجدكم وحسينياتكم وأكثر من ذلك، أتاحت هذه الدول لكم فرص عمل أكثر من ممتازة، استطعتم خلالها تأمين حياة كريمة لكم ولعائلاتكم في لبنان، فأبعدت عنكم شبح العوز والبطالة وقلة الحيلة، نعم كانت هذه الدول التي أكلتم وشربتم ولبستم من خيرها دولا عربية إسلامية سنية المذهب، ولم تكن إيرانية الهوى والهوية، فبالله عليكم هل نستحق نحن منكم أن تنقلبوا علينا وتتحولوا إلى «شياطين» لخدمة مشروع «إبليس إيران»؟ الذي لم يحرك أسطولاً واحداً أو يطلق صاروخاً واحداً على إسرائيل خلال جميع حروبها ضدكم، وآخرها في حرب تموز 2006 التي انتهت بسقوط آلاف الجرحى وعشرات الشهداء من اللبنانيين، ليس لأي ذنب بل لأن «إبليس» أراد أن يشغل العالم عن مشروعه النووي غير السلمي!
استيقظوا من سباتكم وانظروا جيداً كيف أن الآلاف من أبنائكم وأصدقائكم وإخوانكم، سقطوا في معارك هي الأبعد عن حدود فلسطين المحتلة، في معارك قتلوا فيها عشرات آلاف السوريين واليمنيين والبحرينيين والعراقيين وحتى اللبنانيين.
استيقظوا لتروا حقيقة نظام إيران الذي شغلنا ببعضنا البعض، حتى أصبحنا نتقاتل فيما بيننا والإسرائيلي ينظر باستغراب إلى ما يحصل، ويتجاهلنا ليقوم بإعمار أراضيه ومدنه وتطويرها وجلب أكبر الشركات إليها، بينما لم يتبق في أوطاننا زاوية آمنة مستقرة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، فإلى متى ستقبلون أن يحولكم «إبليس» من مقاومين إلى مرتزقة لتنفيذ مشاريعه وخططه؟
إن السياسة التي اتبعتها إيران معكم بُنيت على باطل، وكل ما يُبنى على باطل فمصيره الهلاك، وإنكم مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تلقف الفرص والعودة إلى مجتمعاتكم ودولكم العربية لتعيشوا فيها مع إخوان لكم، أنتم تخليتم عنهم وهم حتى اليوم ينتظرون تحريركم من «إبليس» وولايته السفيهة، لتكونوا حجر الأساس في إعادة ترميم علاقات اجتماعية وحوار صريح نحتاجه جميعاً للتخلص من آلام الماضي وذكرياته البغيضة، التي حولتكم من أشقاء إلى أعداء، فهل أنتم مستعدون للابتعاد عن هذا المشروع الخبيث الذي شق صفوفنا وأتعب منطقتنا وزاد من فقر شبابها وهجرهم وشردهم وجندهم في تنظيمات تبحث عن القتل، كي تتمول أكثر من مشغليه؟