زيارة والدنا الملك سلمان التاريخية للصين، ستكون قفزة كبيرة، وتعزيزا لحجم التعاون في كل المجالات بين البلدين، لمستقبل آمن مفعم بالسلام والنمو الاقتصادي
تأتي الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى الصين للمرة الأولى بعد توليه الحكم، والزيارة للمرة الثانية بعد أن زارها عام 2014، قبل ثلاث سنوات عندما كان وليا للعهد، ورغم فارق الزمن القصير بين الزيارتين، إلا أن النمو في العلاقات بين السعودية الصين شهد تطورا كبيرا، أضاف كثيرا لأبناء الوطن.
نلاحظ -كمواطنين ومقيمين- أنه لا توجد عمالة من الجنسية الصينية عندما نتجول في الأسواق والمتاجر ومراكز الخدمات في السعودية، ولكن في الحقيقة يوجد أكثر من 30 ألف مهندس وفني وعامل صيني، يعملون بصمت في مشاريع عملاقة في المدن الاقتصادية وغيرها، ينجزون مهامهم بسرعة واحتراف، وتجد بينهم سعوديين خريجي البعثة التعليمية في الصين كمهندسين، يتحدثون معهم الصينية بطلاقة، كما يتحدث بها الصينيون، ويربطون بينهم وبين الشركات الأجنبية المشرفة على تلك المشاريع.
خلال العامين الماضيين، ودعت الكثير من الزملاء الخريجين في التخصصات الهندسية، الذين عادوا إلى الوطن وفي حقائبهم عروض وظيفية مغرية، وبرواتب جيدة من شركات صينية تعمل في السوق السعودي، تتنافس عليهم فور تخرجهم، وتستقطبهم طمعا في الاستفادة من لغتهم الصينية وعلمهم الهندسي، لخدمة شركاتهم وتسهيل مهمتهم في السوق السعودي، خاصة خلال الاجتماعات والزيارات التي تقوم بها الجهات الرقابية والمشرفة على المشاريع.
الشركات الصينية العاملة في السوق السعودي لا تتهافت فقط على خريجي الجامعات الصينية، بل استقطبت كثيرا من خريجي البعثات في الدول الأخرى، وخريجي الجامعات السعودية.
في المقابل، عندما ننظر إلى السوق الصيني، خاصة سوق البترول، فإن السعودية هي المصدّر الأول للبترول إلى السوق الصيني، ويأتي هذا تأكيدا على مدى قوة العلاقات السعودية الصينية التي تأتي متكافئة بين دولتين قويتين سياسيا واقتصاديا، ولكل منهما عمق إستراتيجي على خارطة العالم.
نمو العلاقات السعودية الصينية قفزة نوعية وكبيرة في تاريخ العلاقات بين الأمم، فلو عدنا إلى تاريخ هذه العلاقات، فإننا سنجد أنها بدأت منذ عهد قريب، ولكن لارتفاع مستوى المصالح المشتركة بين البلدين، فقد نمت نموا واسعا وسريعا، رسخ مفهوم العلاقات الوطيدة، والثقة المتبادلة التي لا تزعزعهما الآثار السلبية التي خلفها موسم «الخريف العربي»، الذي زعزع منطقة الشرق الأوسط، وورّطها في حروب أهلية، وجعل اقتصادها ينهار ويؤثر على كل اقتصادات العالم، ولكن -وعلى الرغم من ذلك- ظلت العلاقات السعودية الصينية مستمرة، وفي نمو متواصل، بل وتشكل على إثرها تعاون لخلق فرص وحلول لمشاكل العربي، والخروج به من هذا النفق المظلم.
كل هذه الوظائف التي أتيحت للشباب السعودي، والشركات التي فتحت مشاريعها في أرض السعودية، وارتفاع الصادرات السعودية إلى الصين، والتطورات في العلاقات بين السعودية والصين في جميع المجالات العسكرية والتعليمية، هي أحدى نتائج زيارة الملك سلمان -حفظه الله- التي قام بها عام 2014 إلى جمهورية الصين الشعبية عندما كان وليا للعهد، واستقبلنا هذا اليوم نحن كسعوديين في الصين من المبتعثين والملحقين الثقافي والعسكري تحت إشراف سعادة السفير السعودي في الصين، الأستاذ تركي بن محمد الماضي.
زيارة والدنا الملك سلمان التاريخية للصين، ستكون قفزة كبيرة، وتعزيزا لحجم التعاون في كل المجالات بين البلدين، لمستقبل آمن مفعم بالسلام والنمو الاقتصادي، وثقة راسخة تمتد جذورها من بوابة قصر المصمك حتى سور الصين العظيم.