أكد الخطاب الملكي على الوسطية والتسامح والعمل على ما فيه الخير للإنسانية وما تقوم به من مجهودات في محاربة مشكلة الإرهاب التي تعصف ببعض دول العالم
في كل محطة يتوقف فيها رجل العزم والحزم يقابل باستقبال حافل على المستويات الرسمية والشعبية، في زيارات لكل من ماليزيا وإندونيسيا وتتبعهما بروناي والصين واليابان ثم المالديف وختامها الأردن، وقد وضع -وفقه الله- في رحلة أن ينتقل معه صوت الحق والعدل في قضايا الأمة التي تعاني من صراعات إقليمية وإقصاء لبعض شعوب الأقليات المهضومة لحقوقها، ونذر نفسه بأن يعلو صوت الحق على منابر الشرق، معرّفا بوسطية الإسلام وسماحته، وأن الإسلام بعيد كل البعد عما يوصف بأن المسلمين إرهابيون.
كل ذلك جعل بوصلة الإعلام تدير مؤشرها على ما يقوله سلمان بن عبدالعزيز، في الدول التي حط فيها رَحَلْه وسيواصل المسيرة.
كان الملك -حفظه الله- يركز في كل زيارة لأي دولة شقيقة أو صديقة على الوسطية وإبراز هوية الإسلام بأنه دين تسامح، لما يربط هذه الدول مع المملكة من علاقات متينة تتسم بالاحترام المتبادل والحرص على تمثيلها وتطويرها من خلال التحركات والاتفاقيات التي شهدتها هذه الزيارة الأولى في ماليزيا، وكذا إندونيسيا، وتشمل التأكيد على تنسيق الأمن الذي فُقد -وبكل أسف- في بعض ربوع العالم.
وأكد الخطاب الملكي على الوسطية والتسامح والعمل على ما فيه الخير للإنسانية وما تقوم به من مجهودات في محاربة مشكلة الإرهاب التي تعصف ببعض دول العالم، ولا يستثنى منها بلد في أقصى الدنيا، وجعلت من اهتماماتها القضاء على الإرهاب، وعذرا فلعل من المناسب الاستشهاد ببعض الكلمات التي تحمل هذا التوجه في وسطية الخطاب أن العالم الإسلامي يواجه اليوم تحديات في مجال المعرفة العلمية والتقنية لا تقل عن التحديات السياسية والفكرية، وأن على الجامعات ومراكز البحوث في الدول الإسلامية أن تستجيب لهذه التحديات بإنجازات تسهم في البناء الحضاري، ويعم نفعها العالم كله، بهذه الجرأة والمصارحة ينقل الملك معاناة دول العالم الإسلامي من نقص في جوانب التطوير والتحديث مثل التقنية والمعرفة العلمية، ثم إن المجال يتسع عندما نتحدث عن الخطاب الملكي في وسطيته، حيث يناقش هموم الجامعات الإسلامية ورسالتها المتمثلة في المساهمة بتحقيق التنمية بأبعادها الشاملة، وترسيخ الوحدة الوطنية، وإبراز منهج الحوار، ويتم التسامح والتعايش بين الشعوب المختلفة.
إن ما جاء في ثنايا هذه المخاطبة الملكية في محفلين إسلاميين كبيرين مثل ماليزيا وإندونيسيا يجعلهما نبراسا للمخلصين من أبناء دولنا حتى يستلهموا تلك المعاني الفريدة، واللمسات الشفاقة في نداء السعودية إلى أرجاء العالم.
إن أمتنا أمة سلام لا أمة حرب، وأمة قيم لا أمة تعيش على هامش الحياة دون مغزى رباني من وجودنا، وهو بلا شك العبادة ثم العمل على هذه القيم التي تفخر بها أروقة الأمة شرقا وغربا.
إن الأمة والحضارة وإن عاشت فترة استرخاء يوما من الأيام، إلا أنها لا بد أن تنهض من سبُاتها، وهذا ما لمسته في ثنايا وسطية الخطاب الملكي المعتدل الذي وُجّه من هذين البلدين اللذين يعتبران المملكة جزءا من عالمنا الإسلامي تربطنا معهما قبلة واحدة ومصير مشترك في رسالتنا الإسلامية، ولهذا جاء الترحيب من أعلى سلطة في هذين البلدين العزيزين، إذ إن ما ورد في كلمات الملك هي في نفسها المبادلة التي سمعها -أيده الله- من ملك ماليزيا ومن الرئيس الإندونيسي بأن نقل حبه وحب الشعب للملك خلال حفل الاستقبال الكبير، وأكد فيه حرص إندونيسيا على تعزيز العلاقات والاحترام المتبادل، وأنها ستصبح شريكا إستراتيجيا لتحقيق رؤية المملكة القادمة، إن هذا الخطاب ستتبعه خطابات أخرى في قائمة الشرق الأقصى عندما تكتمل هذه الزيارة الميمونة، وبانتظار مزيد من التألق والشفافية أيها الملك.