هنا في هذه الصحيفة، وفي عدد الأربعاء الماضي ينتقد الزميل العزيز، فيصل الجهني، قبول سمو الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن، دعوة جامعة الفيصل له لإقامة أمسية شعرية على كراسي مسرح بتذاكر باهظة الثمن. ينتقد الزميل الغالي أيضا فكرة بيع كرسي العشاء على هامش الأمسية بسعر غال أيضا، ثم يبدأ بسرد بعض الأمثلة عما يمكن أن تفعله هذه الأسعار في حياة الأفراد والأسر في مقالته المعنونة (ليتها لم تكن يا شاعرنا البدر). وللزميل الغالي أقول: لم تكن الكراسي الأثيرة المحجوزة في ليلة البدر بهذا الثمن من أجل قماشها المخملي، ولم تكن أسعار وجبة العشاء هي قيمة السمك المدخن، ولا دجاج الصويا المكسيكي.
الفكرة برمتها هي التفكير خارج الصندوق لجامعة خاصة غير ربحية، تسعى لزيادة موارد صندوق الطلاب من أجل أهداف خيرية صرفة. فكرة شراء كراسي طاولات الطعام بعشرات أضعاف قيمتها الفعلية، هي فكرة تضامن مجتمعي تفعلها المؤسسات والهيئات غير الربحية في كل مكان على وجه الأرض. آخر من فعلها كان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عبر دعوة عشاء خيري لألف وجه أميركي، دفع كل فرد من بينهم فاتورة بخمسة آلاف دولار للكرسي الواحد، لدعم أسر أطفال التوحد في ولاية إيلينوي الأميركية. هو ذات الأسلوب الخيري الذي تفعله عشرات مراكز الأبحاث في المجال الطبي بالذات، لدعم أبحاث الأمراض المختلفة. هو بالضبط ما تفعله أيضا عشرات الجامعات في هذا العالم، وأكثر هذه الحفلات الخيرية يذهب لبرامج خاصة بمساعدة الطلاب غير القادرين على دفع تكاليف دراستهم داخل هذه الجامعات. كل الذين ذهبوا إلى أمسية البدر يعرفون مسبقا أنها فكرة خيرية محضة، وكثير منهم اشترى تذاكر الحفلة وطاولات الطعام وهو يعرف أنه لن يذهب. حتى الأمير (البدر) باع تلك الليلة بعض إنتاجه الشعري وبعض لوحاته في المزاد، ثم غادر وهو يعرف أن فكرة الأمسية لم تكن من أجل أن يقبض الثمن. هذا المزاد الفني على اللوحات، هو ما ستفعله نفس الجامعة قريبا مع شخصية أخرى من العيار الثقيل جدا، كمنحة من الرسام نفسه إلى صندوق طلاب ذات الجامعة. والخلاصة أن فكرة الحفل الخيري بكل أصناف حفلاتها، أو فكرة مأدبة العشاء، لم تكن كي يستمتع الجمهور بقصيدة، أو أغنية، أو لوحة، أو حساء شوربة، هي لا تقصد أبدا أثمان المحتوى وقيمة المنتج، بقدر ما تستهدف إشراك القادرين من وجهاء المجتمع وأثريائه في تنافس خيري، يعود ريعه الباهظ إلى موارد الفكرة المستهدفة.