هناك دراسات عديدة حول العبقرية والذكاء والفروق الفردية من البشر، أطرفها وأكثرها حداثة التي ربما تجعل عددا من الشباب المقبلين على الزواج مجبرين على إحضار اختبار رياضيات في الرؤية الشرعية، لأنها تثبت أن ذكاء الأطفال وتميزهم يعتمد على ذكاء الأم ونباهتها.
في الحقيقة ذلك يذكرني بمثل بدوي يقول والولد إن طاب طيبه من خواله، وكذلك قولهم النار ما تخر إلا رماد، والأخير معناه أن الرجل المميز قد ينجب شخصا معدوم التميز، وأقول ربما لأن هذه النار أو الفارس أو الدكتور أو التاجر الكبير قرر أن معياره الأول للزواج هو جمال المرأة ولم يهتم بغبائها، فوقع في مصيبة الخِلفة السيئة الذكر.
على العموم اطمئنوا الدراسة السابقة التي نشرتها الإندبندنت البريطانية، وهي دراسة أميركية أجريت على الفئران، لحقتها دراسة بريطانية أجريت على البشر وهي تقول أيضا إن الأم هي سبب الذكاء لكن بنسبة ما بين 40 إلى 60 والباقية تحدد مدى اكتسابه البيئة حول الطفل، بمعنى أنك لو كنت تفضل أن تكون زوجتك جميلة وغبية على أن تكون قبيحة وذكية فإن هناك أملا أن تنقذ الأربعين بالمئة من ذكاء أطفالك عبر البيئة المناسبة.
في مذكرات ستيف جوبز حديث طويل عن التأثير السيئ الذي حاولت المدرسة به تحويله إلى غبي، وإشارة إلى سنة وحيدة درس فيها على يد معلمة مميزة سبق أن تحدثت عنها في مقال سابق.
يتحدث والدا ستيف عن الاستدعاءات التي كانت تطالهم وإرسال ستيف إلى البيت كما قالا بمرارة إنهم كانوا يحاولون تحويله إلى غبي، وقال ستيف جملة أثرت بي قال كانوا يريدون قتل الفضول لدي، والفضول في الواقع هو محرك الباحث والمخترع أيضا.
لكن ستيف بعد ذلك يبتعد بنا عن المدرسة ويأخذنا إلى رحلة حول البيئة الفقيرة في مواردها الغنية بنوافذ التجريب، والتي وجدها في جراج جارهم الذي عرفه على Heathkit، وهو جهاز راديو يأتي مع كراسة تشرح خطوات تركيبه كان قد انتشر بين الناس في السبعينات لتعليم المراهقين التركيب، وعن اللحظة التي أنهى ستيف فيها تركيبه يقول اكتشفت أن لدي القدرة على البناء وأني سأبني أي شيء أريده، ليبني بعد عدة سنوات أول تلفون ذكي وهو الآيفون.
الغريب أن بطلتنا العظيمة وفخرنا السعودي الدكتور غادة المطيري لا تذكر مطلقا المدرسة، لكنها تذكر هذه القصة وأنها كانت في مراهقتها تجمع مصروفها وتشتري راديو تفككه وترجع تبنيه.
هل سبب هذه العبقرية البناء ومشاهدة الحلم أمامك يعمل أو يتحرك؟ هل عندما يصنع المراهق شيئا يؤثر في شخصيته وثقته في قدرته على النجاح ربما.
آخر سطر في هذا المقال سأدعه للأم لأن أم ستيف البيولوجية كانت ذكية وحاصلة على الدكتوراه، كما أن أمه التي ربته كانت قد علمته القراءة قبل دخول المدرسة، بينما أم غادة المطيري خريجة الكيمياء فكانت لا تحضر الحفلات ولا تهتم بالزيارات بقدر قضاء وقتها معهم حتى لو عادت في السابعة مساء، كما تقول غادة كانت تمنح لهم ما يحتاجونه من الاهتمام ولو حتى بالاستماع.
ببساطة ستيف وغادة حصلا على حصتهما من الذكاء الوراثي والبيئة 100%.