أردت أن أبرهن له أن وقت الفعالية - أيا كانت - هو المعيار المهم لحضور الجمهور لها.. قلت له: تعرف يا صديقي أن جمهور الحفلات الغنائية يحضر ليلا.. ولذلك تقام تلك الحفلات ليلا، وتجد جمهور الفنان يحضر بشكل كبير ولافت، وتُباع التذاكر أحيانا في السوق السوداء، بأسعار مضاعفة، هل كنت - سألته - تتوقع أن يحضر هذا الجمهور لو أقيمت الفعالية قبل الظهر مثلا؟!.
أجابني بعد أن مط شفتيه: حسب الفنان، إذا كانت الحفلة لرابح صقر أو راشد، فسيحضر الجمهور لو صارت الصباح في محل فول!.
قلت له: لا بارك الله فيك أفسدت المثل، وذبحت الفكرة!
ذكرني بالنكتة التي تقول إن شيخا كبيرا في السن اقتربت وفاته، فجمع أولاده وأعطاهم حزمة من الرماح وطلب منهم محاولة كسرها، كي يبرهن لهم صدقية وغاية البيت القائل تأبى الرماحُ إذا اجتمعنَّ تكسُّرا.. وإذا افترقنَ  تكسّرتْ آحادا .. فمد الرماح لهم واحدا تلو آخر، فعجزوا عن كسرها، والشيخ يبتسم، فلما وصلت لآخر واحد فيهم استطاع كسرها!
فتنهد الشيخ العجوز قائلا: ما دام معاكم هالثور هذا لا تخافون من أحد!
الذي كنت أود الوصول إليه، وإيصاله لصاحبي الأول، أن اختيار الوقت المناسب للفعالية أو المناسبة له أثر في نجاحها وإنجاحها، وأكبر مؤشر هو عزوف، أو عدم مقدرة الناس على حضور الندوات والمحاضرات والمؤتمرات الصباحية، لأسباب عدة، أهمها أن الناس في أعمالها.. والطلبة والطالبات في مدارسهم وجامعاتهم!
أتذكر قبل أشهر أقيمت فعالية مهمة ذات أثر كبير وتستهدف الشباب، والمحيّر أنها أقيمت صباحا، ولا أدري هل كان المنظمون يريدون لطلبة وطالبات الجامعات والثانويات أن يتغيبوا عن دراستهم ويهربوا ليحضروها مثلا؟!
السؤال: لماذا لا تقام هذه الفعاليات والندوات بعد العصر أو في إجازة نهاية الأسبوع، كي نضمن أن تؤتي أُكُلُها، وتحظى بحضور الشرائح المستهدفة.. ما الفائدة من تنظيم هذه الفعاليات صباحا؟! - فإن كان ولابد فليتم تسجيلها وعرضها مسجلة في اليوتيوب عوضا عن هذه الخسائر والحجوزات!
أرجو ألا يخرج الآن من ينسف المقال، ويقول إن الجمهور يحضر اللقاءات الثقافية والمؤتمرات إن أقيمت صباحا!.