يبحث الناس اليوم عن الطعام الكوري أكثر من أي وقت مضى، حيث إن معدل بحث الناس عبر جوجل عن أسماء أطباق كورية، مثل الكمشي، والبيبمباب ارتفعت لأكثر من 284 % منذ 2011 وفقا لموقع قناة الجزيرة الرسمي. وتستثمر حكومة كوريا الجنوبية ما لا يقل عن العشرين مليون دولار سنويا في مجال التسويق الخارجي لأطعمتها الغذائية، بهدف إدخال المطبخ الكوري ضمن قائمة أفضل خمسة مطابخ حول العالم.
 الملفت للنظر أن الإعلام الكوري يسير في الاتجاه نفسه مع الدولة، إذ إن التلفزيون الكوري يولي اهتماما خاصا بالأطعمة، للحد الذي جعل الطعام ـ أحيانا ـ جزءا رئيسيا من الفن والدراما الكورية بأسماء مسلسلات مثل فلنأكل أو العشاء، كما أن برامج الطبخ تهيمن على التلفزيون الكوري، مقارنة بغيرها.
إن تعلّق سكان كوريا الجنوبية بالأطعمة يذهب إلى أبعد من ذلك، خصوصا فيما يتعلق باستخدام الإعلام الرقمي مثل يوتيوب، وتويتر وغيرهما، لتصوير أنفسهم يأكلون فيما يدعى بالكورية Mukbang أو إذاعة تناول الطعام. وذكرت قناة بي بي سي البريطانية أنه في كل ليلة يصور أكثر من 3 آلاف شخص كوري أنفسهم أثناء تناولهم الطعام في مقاطع تصل مدتها إلى ساعتين، ويحصل بعضهم مقابلا ماديا يصل إلى 10 آلاف دولار شهريا (37 ألف ريال سعودي).
ما لم ليس في الحسبان أن هذا الاهتمام الكوري بالطهي ساهم بشكل إيجابي في تغيير تنميطات قديمة، مثل كون المرأة مكانها المطبخ، فقد شهدت كوريا مؤخرا نجومية رجالية لبرامج ومسلسلات طبخ، وبات الرجل الذي يجيد الطبخ متحضرا وراقيا في نظر الكوريات.
لعل التجربة الكورية في اتخاذ الطبخ وسيلة يصلون من خلالها إلى العالم الخارجي ويغيرون عن طريقها تنميطات وموروثات محلية سلبية، مثال رائع على قابلية الإعلام للتأثير على جماهير من دول وخلفيات ولغات مختلفة. إن الكوريين اليوم يكرّسون أوقاتهم وجهودهم في محاولات حثيثة لاستخدام منتجاتهم الإعلامية -التي تتضمن فنون الطهي- بشكل نفعي اقتصاديا وسياسيا، وقبل ذلك اجتماعيا.