طغت أسئلة على غرار ما مدى فرص نجاح التعاون بين الدول الإقليمية العربية والولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب العابر للحدود؟ وما الدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة الأميركية حيال الوضع الراهن في بعض الدول العربية التي تمر بمرحلة من التفكك؟ على ندوة السياسة الأميركية نحو الشرق الأوسط التي أقيمت أمس ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة جنادرية 31 وذلك بقاعة الملك فيصل في فندق الرياض إنتركونتينتال، وذلك بمشاركة الدكتور نبيل فهمي (مصر)، والدكتور عبدالكريم الدخيل (السعودية)، والدكتور سامي نادر (لبنان) ، والدكتور سامي الفرج (الكويت).
خارج الصندوق
بدأ الدكتور نبيل فهمي حديثه بالقول إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب شخصية خارج الصندوق وخارج القوالب السياسية التقليدية، كما أنه لا يحمل أي رصيد سياسي سابق يمكن من خلاله تقييم أفعاله ومواقفه، لذا فإن تقييم الموقف الأميركي الجديد يرتبط جزئيا بما قاله ترمب أثناء حملته الانتخابية.
وأضاف فهمي ترمب يريد التصدي والدفاع عن القضايا التي تهم الأميركيين ولا يتجنب التصادم إن لزم ذلك، مشيرا إلى أن ترمب لن يلتزم بكل الوعود التي قطعها لناخبيه خلال الحملة الانتخابية بل سيلتزم فقط بالتوجهات ولن تكون بالضرورة بالنص كما وعد سابقا.
موقفه من العرب
ذكر الدكتور فهمي، أن موقف ترمب تجاه العرب كان متباينا منذ مرحلة الحملة الانتخابية، حيث اتسمت تصريحاته تجاه دول الخليج العربي بالسلبية إلا أن الاتصال الذي أجراه لاحقا بخادم الحرمين الشريفين اتسم بالإيجابية، مبينا أن ترمب سيحاول الحفاظ على علاقته مع دول الخليج العربي، كما أنه لن يبالغ في تقديم الدعم للدول العربية غير الخليجية كمصر والأردن.
أيديولوجية
أكد المتحدث، أن ترمب لا يحمل أية أيديولوجية محددة فهو شخص برغماتي يبحث عن المصلحة، فانتماؤه مثلا لحلف الناتو انتماء مصلحة وليس انتماء أيدولوجيا، كما أن ما ذكره تجاه العرب ذكره اتجاه حلف الأطلسي أيضا، حيث ذكر أن الحلف الأطلسي أصبح منظمة عقيمة، داعيا الدول الأوروبية إلى تحمل المزيد من التكلفة وخلاف ذلك.
التعاون الإقليمي
اختتم الدكتور فهمي محاضرته بالقول، يجب أن يكون عنوان العلاقة العربية الأميركية في الأيام القادمة الاعتماد على الذات ثم المزيد من التعاون الإقليمي، والمبادرة في طرح حلول سياسية للقضايا الإقليمية التي تهم العرب، وطرح مبادرة فيما يتعلق بشكل المنطقة العربية مستقبلا.
تقارب
أشار الدكتور سامي نادر إلى أن اتصال الرئيس الأميركي بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هو دليل على استمرار الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية بين البلدين، ودليل على تقارب أميركي سعودي بعد أن أصابه الفتور في عهد الرئيس السابق أوباما. وأضاف الشعارات التي أطلقها ترمب منذ بداية حملته الانتخابية أثرت وستؤثر في علاقة الولايات المتحدة الأميركية بالدول العربية سواءً كان الهدف من تلك الشعارات استمالة الناخب الأميركي أم لا.
حيرة سياسية
قال الدكتور عبدالكريم الدخيل إن الندوة تأتي في وقت أصيب فيه العالم بالحيرة حيال السياسات غير المتوقعة من الرئيس الأميركي الجديد، مشيرا إلى ضرورة فهم محددات الآليات الأميركية الجديدة تجاه دول الشرق الأوسط. ودعا الدخيل إلى ضرورة محاولة استشراف سياسة ترمب نحو المنطقة خلال السنوات القادمة مما سيساعدنا في فهم العوامل الإستراتيجية الطويلة المدى التي ستنتهجها أميركا وكذلك معرفة التحولات الظرفية أوالآنية المرتبطة بالقيادة الأميركية الجديدة.
إدارة ضعيفة
تحدث رئيس مركز الكويت للدراسات والبحوث الدكتور سامي الفرج قائلا، إن دول الخليج لم تكن على استعداد أن تمضي أربع أو ثماني سنوات جديدة في ظل وجود رئيس ديمقراطي في البيت الأبيض، لذا لم يمثل انتخاب ترمب صدمة لدى دول مجلس التعاون الخليجي كما يظن البعض. وأضاف أن الإدارة الأميركية السابقة كانت ضعيفة بشكل جعل دولا مثل روسيا وإيران تنتزع جزءا من النفوذ الذي تتمتع به.
وأضاف سئمنا من الانكفاء الذي ظل يقوم به الحزب الديمقراطي دائما، والامتناع عن التدخل لحل أو حلحلة أمور حساسة، علما بأنهم من شن العديد من الحروب، سواء في الحرب العالمية الأولى أو الثانية أو حرب فيتنام. واتهم الرئيس أوباما بأنه تنازل عن النفوذ الأميركي لتستغله روسيا بشكل قوي. وأضاف لا يوجد تمدد على حساب انكفاء الطرف المقابل، فالنفوذ كمٌّ محدد. وأكد الفرج أن ترمب بعث بما يمكن أنه نسميه لفت نظر لإيران ردا على تهورها في إطلاق صاروخ باليستي قبل أيام كتوقع المزيد. وفيما يخص قوة الرئيس الأميركي الجديد قال الدكتور سامي الفرج، إن حديث سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة عن عدم إمكانية رفع العقوبات عن روسيا قبل أن تعيد شبه جزيرة القرم المسلمة لأوكرانيا، يعبر عن استعادة للنفوذ ولو بشكل جزئي.