لا تسعفني الذاكرة في استحضار حجم الديون التي يتكبدها الناس هنا.. المعلومة التي أمامي تقول إن القروض الاستهلاكية في السعودية قفزت منتصف العام الماضي لتصل إلى 344 مليار ريال، بزيادة 13 مليار ريال عن عام 2015!
يفترض أن تقوم الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) بكشف حجم الديون التي يعاني منها المواطنون السعوديون بشكل دوري ودقيق.. وتبين لنا عدد المواطنين والمواطنات الذين يرتهنون لقروض من البنوك الخاصة والحكومية على حد سواء..!
قبل أيام انهالت على هاتفي الجوال اتصالات كثيرة من رقم لا أعرفه.. اضطررت للرد، وجدته موظفا من البنك الذي أتعامل معه.. ليقدم لي عرضًا مغريا؛ لقرض مالي بسقف مرتفع.. قلت له أنا متقاعد!
فوجئت به يعتذر لأن الشروط لا تنطبق علي.. فقلت له - وقد أخذتني العزة بالإثم فيما يبدو - مؤكد أنك ستجد أيدي أخرى لـالكلبشات التي تحملها، طالما أنكم بهذا الحرص على تكبيل الناس بالقيود والديون، دون رقابة!
قال لي: اعذرني أنا أنفذ خطط البنك وسياسته .. قلت في نفسي أمحق من سياسة.. وانتهت المكالمة!
الذي يظهر لي أننا لا ندرك حجم المشكلة ولا أبعادها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.. كيف لي أن أفهم أن تلاحق البنوك المواطنين لتقدم لهم إغراءات لأجل مزيد من الديون! نفهم أن يبحث الإنسان عن القروض.. لكن أن تركض البنوك خلف الناس لتقرضهم، فهذا أمر غير مفهوم!
السؤال: لماذا نشجع الناس على الاقتراض؟ السؤال بصورة أخرى: ما الفائدة من طرق أبواب الناس وحثهم على الاقتراض؟!
سنجد أنفسنا شيئاً فشيئاً بعد سنوات قليلة وقد أصبحنا شعباً يعمل بدون رواتب.. بمعنى: سيقضي المواطن السعودي عمره كله في سداد القروض!
الخلاصة: لا يعلم الكثيرون لماذا تكبدوا هذه القروض التراكمية.. والورطة: لا يعلمون كيف يتخلصون منها.. ولذلك امنعوا البنوك أن تتصل بالناس وتلاحقهم كي تقرضهم.. الذي يريد القرض يعرف طريق البنك جيدا.