عندما تجتمع الحكومة السورية ومعارضوها في كازاخستان الأسبوع المقبل، فإن فرص الأطراف المتحاربة لإيجاد حل سياسي لإنهاء الصراع الممتد منذ ست سنوات تقريبا قد تكون ضئيلة. أما بالنسبة لموسكو، الراعية الرئيسية لمحادثات السلام، فإنها قد تكون أنجزت بالفعل شيئا واحدا حاسما، هو بث رسالة مفادها بأن روسيا عادت لاعبا رئيسا في منطقة الشرق الأوسط.
وبحملة قصفها المستمر منذ 15 شهرا في سورية والمناورات السياسية الداهية، أنقذت موسكو بشار الأسد من الهزيمة، وأمالت التوازن العسكري في صالحه، ومهدت الطريق لوقف إطلاق النار. مما جعل المسؤولين الروس الآن يستمتعون بانتصار سياسي أقل ما فيه دعوة الولايات المتحدة إلى محادثات أستانا كضيف لموسكو، وهي ديناميكية تُبرز بشكل صارخ كيف يتضاءل نفوذ أميركا، بينما ينمو في روسيا، وتبدو طموحات موسكو أعمق من ذلك بكثير.
قال سفير روسي سابق لقد فشلت سياسة إدارة أوباما في الشرق الأوسط، ونجحنا نحن في الدخول فيه عبر أداء دور حاسم في مساعدة بشار الأسد على استعادة حلب، المدينة الثانية في سورية، الشهر الماضي. وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط في الجامعة الأوروبية في سانت بطرسبرج، نيكولاي كوزهانوف الواقع أن شهية موسكو تنمو وفقا لإنجازاتها على أرض الواقع. وأضاف تعدّ سورية الآن وسيلة من وسائل مزيد من النفوذ الإقليمي، وليست هدفا في حد ذاته.
إن أحد الدوافع الرئيسية وراء اندفاع موسكو إلى الشرق الأوسط هو تداعيات ثورات الربيع العربية التي أدت إلى اضطرابات في جميع أنحاء المنطقة. ويقول خبراء في السياسة الخارجية الروسية لقد أقنعت هذه التداعيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن تراجُع روسيا عن مواقفها الإقليمية البارزة التي ورثتها من الاتحاد السوفيتي السابق كان خطأ كبيرا.
وبعد أن حققت موسكو عددا من أهدافها في سورية حتى الآن، مثل توسيع قاعدتها البحرية في طرطوس، فضلا عن قاعدة جوية جديدة قرب اللاذقية لتعطي قواتها موطئ قدم عسكريا واسعا ودائما في المنطقة. ويقول كثير من السوريين إن بلادهم أصبحت تحت النفوذ الروسي بالقوة.
ولقد استخدمت موسكو تدخلها الفعلي في الصراع السوري لوضع نفسها شريكا مهما للقوى الإقليمية، بغض النظر عن المصالح المتعارضة لبعض دول المنطقة. وهي تحاول أيضا توسيع دورها كوسيط قوي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. حيث استضافت هذا الأسبوع محادثات تهدف إلى إنهاء الانقسامات الداخلية المستمرة منذ عشر سنوات بين الفصائل الفلسطينية، حركة فتح بزعامة محمود عباس، وحركة حماس المتشددة في غزة.
ووضعت روسيا أيضا أنظارها إلى ليبيا، التي ابتليت بالصراع منذ انتفاضة 2011 ضد الدكتاتور الراحل معمر القذافي، فعمقت موسكو علاقاتها مع خليفة حفتر، الجنرال المُنشق الذي يسيطر على معظم النصف الشرقي من البلاد، بما في ذلك منشآت النفط الحيوية. وقام، الذي يرفض الرضوخ لسلطة الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، بزيارة روسيا مرتين في العام الماضي، طالبا المساعدة في حملته ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة.