ليس مستغربا أن يواجه البعض بيان وزارة الداخلية الأخير حول القبض على 149 شخصا كانوا يحملون التكفير ديناً، والتفجير والتدمير رسالة، بشيء من الفتور والتشكيك، كون الجميع يعرف أن التشدد والتطرف الديني أصبح متغلغلا في عقول بعض الشباب والفتيات الذين تأثروا بتيارات فكرية تحمل ذات التوجه. لكن ما يذهل حقا أن يكون هناك من يتحسر على هؤلاء ويصفهم بـ خيرة شباب البلد في أحد المواقع الإلكترونية التي عادة ما تتبنى حملات الشتائم والردح ضد أي مشروع وطني لا يتفق مع فكر القائمين عليه، كذلك تبنى هذا الموقع وغيره حملات تكفير شديدة ضد المثقفين والإعلاميين، وهو ما ظهرت نتيجته أمس في إعلان وزارة الداخلية من تخطيط هذه الخلايا لاغتيال إعلاميين، وهي المرة الأولى ـ في اعتقادي ـ التي يصرح فيها بهذا التوجه الإرهابي رسميا. ولكي نعرف مقدار التحريض الذي تمارسه هذه المواقع النشطة التي تدار بأيدي أناس معروفين للجميع، فأحدهم يستضاف في بعض البرامج الفضائية التي تناقش ـ بتحريض واضح ـ أي طرح يناقش في الإعلام المحلي لا يرضى عنه هؤلاء.
فإن معظم المعلقين الذين أجيزت تعليقاتهم على الموضوع حرفوا القضية من إرهاب وقتل، وحولوها إلى نشر أسماء كتاب وأدباء وإعلاميين، يطالبون بـالاقتصاص منهم لأنهم حسب رؤية هؤلاء يستحقون القتل والصلب، بسبب مقالاتهم في بعض القضايا الفكرية والاجتماعية المثيرة للجدل.
وهنا أجزم أن الحل ليس في إغلاق هذه المواقع، بل العكس يجب دراسة هذه التعليقات بدقة، ثم مساءلة القائمين عليها، لمعرفة مدى موافقتهم ولو في الخفاء على تلك الطروحات التي تحث على العنف والإرهاب، خصوصا أن صاحب الموقع ذاته، يغلق جميع التعليقات على بعض الموضوعات، وبالخط الأحمر العريض ..!!
ذلك التحريض يدل على أن الكلمة تصيب هؤلاء في مقتل، فلا يجدون ردا عليها ، سوى قتل صاحبها إن أمكن لهم ذلك. ولذا أعتقد أن هذه الفئات المحرضة تحتاج قبل غيرها، إلى جلسات مناصحة فكرية مكثفة، فخطورتهم على المتلقين وخصوصا من الشباب المتحمس كبيرة جدا، لأنهم في الظاهر أصحاب رأي يؤخذ ويرد، بل وهناك من يزكيهم، ويزكي وطنيتهم، مما يجعلهم وسيلة من أهم وسائل تلقين المجتمع التطرف الفكري الذي قد تكون نهايته أحضان القاعدة وأمثالها من أدوات استخبارات بعض الدول التي تسعى لزعزعة أمننا الوطني بكل وسيلة.