جدة، رام الله: ياسر باعامر، عبدالرؤوف أرناؤوط

تزامنا مع بدء تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب اليوم وانطلاق عمل الإدارة الجديدة، تحضر القضية الفلسطينية بقوة في مراسم حفل التنصيب، حيث سيمثل المستوطنون حضورا كبيرا في الحفل، بالإضافة إلى أن مسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة تتصدر قائمة الموضوعات المثيرة للجدل، والتي يخشى عدد من المسؤولين الفلسطينيين من أن يعلن ترمب نقل السفارة في خطاب التنصيب نفسه.
ويأتي ذلك، فيما كشفت مصادر حكومية مقربة من سلطات الاحتلال أن وفدا أميركيا وصل إلى القدس المحتلة مؤخرا للتباحث حول إمكانية إقامة السفارة وفحص الموقع المناسب لها، في وقت أعلن فيه مستوطنون إسرائيليون عن طرح مشروع قانون ضم المستوطنة معاليه ادوميم المقامة شرق القدس إلى إسرائيل، اعتبارا من الأحد بعد تسلم ترمب مهام منصبه، الأمر الذي عارضته إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما بشدة وعملت في السنوات الماضية على إحباطه.

خطوة متقدمة
أوضح تقرير إستراتيجي صدر مؤخرا عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، وحصلت الوطن على نسخة منه، أن هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية، متعلقة بنقل سفارة الولايات المتحدة للقدس، في عهد الرئيس ترمب، بالنظر إلى وعوده الانتخابية ووجود ميول قوية لدى قيادات في إدارته لتنفيذ ذلك.
وتتضمن السيناريوهات الثلاثة أن يقوم ترمب بنقل السفارة في بداية ولايته أو في وقت لاحق خلالها، أو أن يُحوّل أحد مكاتب خدمات السفارة في غربي القدس وليس شرقي القدس إلى سفارة، أو تبقى السفارة في تل أبيب وينتقل السفير إلى القدس، أو يقوم بخطوة مزدوجة بنقل السفارة للقدس مع الإعلان في المقابل عن الاعتراف بدولة فلسطين لامتصاص ردات الفعل.
ووفقا لورقة مركز الزيتونة التي تميل إلى أن ترمب سيأخذ خطوة متقدمة في هذا المجال، مما يستدعي تحركا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا استباقيا ومكثفا، لإفشال أو إعاقة هذه الخطوة.


تعزيز النقل
ويدعم احتمالات نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، عدة محددات، أهمها أن الفريق السياسي الذي اختاره ترمب لإدارته القادمة يتبنى في معظمه قرار النقل، كوزير خارجيته ريكس تيليرسون الذي يَعدُّ إسرائيل الحليف الأكثر أهمية لواشنطن، وكذلك السفير المقترح للإدارة الجديدة في إسرائيل وهو ديفيد فريدمان، فهو الأكثر انحيازا لها، ومن أكثر الشخصيات الأميركية المساندة لنقل السفارة. والمحدد الثاني في نقل السفارة الأميركية للقدس، الضعف العربي والإسلامي وعدم امتلاكه آليات واضحة في قواعد التأثير الدولية.


بيئة القرار
وتحدد ورقة مركز الزيتونة ملامح بيئة القرار بالنسبة للسيناريوهات السابقة، أن تقر الولايات المتحدة، من الناحية القانونية، وعبر مواقفها المعلنة في المنظمات الدولية، عدم الاعتراف بقرار الضمّ الإسرائيلي لمدينة القدس، وهو ما تجلى في امتناع واشنطن عن التصويت على القرار رقم 478 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بموافقة 14 دولة، وهو القرار الذي يُعدُّ الضم الإسرائيلي مخالفا للقانون الدولي.
لكن المشهد القانوني ينطوي على بعد آخر، ما صدر عن الكونجرس المعروف بـقانون سفارة القدس لسنة 1995، والذي نص وبأغلبية كبيرة، على الشروع بتمويل عملية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، على أن يتم ذلك كحدّ أقصى في نهاية مايو 1999، والتأكيد على بقاء القدس مدينة موحدة كعاصمة لـإسرائيل، إلا أن القانون لم يدخل حيز التنفيذ لأسباب عديدة.


تحذيرات دبلوماسية
بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 478، نقلت 13 دولة من أميركا اللاتينية، سفاراتها من القدس إلى تل أبيب، وعلى الرغم من أن هناك الآن 86 سفارة في إسرائيل، لا يوجد أي منها في القدس، وهو ما يشكل نوعا من الحرج للدبلوماسية الأميركية، خصوصا أن الاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، واليابان، واللجنة الرباعية، لا تميل لقرار النقل دون تسوية الموضوع الفلسطيني.
ويحذر العديد من الخبراء والدبلوماسيين الأميركيين بأن نقل السفارة سيقود لردات فعل عربية وإسلامية، نظرا للقيمة الدينية للقدس، ناهيك عن أن البعض يرى أن القرار سيعزز -ما يصفه هؤلاء الخبراء- موقف التيارات المتطرفة، وستجد فيه قوى مثل حماس والجهاد الإسلامي وإيران تأكيدا لمواقفها في الشارعين العربي والإسلامي.