في السنوات الأخيرة أصبحت برامج الواقع حجر الزاوية في العالم كله، حيث اجتذبت ملايين المشاهدين لمتابعتها، وسواء اتفقت أو اختلفت معها هناك من يثق في محتواها ويتفاعل مع ما تعرضه ويترك نفسه وأسرته وبيته يتأثر بما يعرض.
التلفزيون السعودي يبدو أنه لم يهتم بحجم هذا الإقبال على برامج الواقع ويقتحم هذا السوق بإحدى قنواته التي غالبا لا يشاهدها أحد، لكن قناة خاصة هي قناة بداية يقول صاحبها كما قرأت إنه يقدمها كخدمة مجتمعية، لكن لا أظنه ينكر حجم الربح المادي الذي يحصل عليه، مما يجعل العمل مشروعا سعوديا ناجحا بامتياز، والتقاطة عظيمة لشاب سعودي هو عبدالعزيز العريفي، استطاع بذكاء كسب المشاهد السعودي، بل الأسرة السعودية كلها، لتتابع برنامجا من عمل وتصميم وتصوير سعودي.
مشهد واحد للقاء أحد المتسابقين مع طفلة حصل على نصف مليون مشاهدة، فما بالك بعشرات المشاهد الطريفة والراقصة والضاحكة والممتعة التي تعرض عبر يوتيوب ويتابعها ملايين المشاهدين في العالم العربي، مما يجعل البرنامج بحق رسالة سعودية لسكان الشرق الأوسط، وليس الخليج فقط.
تابعت البرنامج طوال المواسم الماضية في الإجازات، لكن هذه النسخة تبدو مختلفة جدا، فللمرة الأولى أشعر أن المتسابقين هم أشخاص تعرفهم كأن أحدهم أخوك الصغير أو ابن أختك، إنهم شباب من مجتمعك من الممكن أن تلتقيهم وأنت تقف عند الإشارة أو عند جهاز الصراف الآلي أو حتى يكون أحد طلابك في الجامعة.
أجمل ما في هذه النسخة أنها أخرجت لنا شبابنا كما هم، بعيدا عن التشدد المصطنع الذي رأيناه من قبل. إنهم مجموعة من الشباب الذي يصلي ويقرأ القرآن، ويجر صوته حزنا بـمهما جرى منك وصار أنا تراني بانتظار. كذلك الكثير من النكات اللاذعة التي يقولها الشباب عادة والأخطاء التي يقترفها الإنسان، ومواقف الفزعات الأصيلة والتضامن والتحالف، وقصص نبذ العنصرية والطبقية.
في هذا الموسم هناك الكثير من الشباب الجميل الذين سيثرون مستقبل المملكة والخليج، وربما أهمهم محمد عثمان الذي يعرف نفسه باليتيم القوي، ويبدو أنه سيكون له مستقبل عظيم في الإعلام كمذيع ومحاور مثقف، وهو مشروع نجاح رغم الألم لحجم التسامح الذي يصلك عبر كلماته فيفيض بها على من حوله.
أيضا الفقرة الصباحية من البرنامج والتي تقدم حكمة كبار السن وتجاربهم تريك الوجه الحكيم من المجتمع السعودي، والذي يتحدث عن الزوجات وتكريمهن وتدمع العيون فيه لأجل الراحلات بلغة وفاء رفيعة المستوى، والتي تحضر أيضا فلكلورنا وتراثنا فيغني ويعرض مع سهيل الجنوبي.
إن هذا الموسم في الواقع يقدم المجتمع السعودي كما هو، لذا أحبه الناس أكثر من غيره، وحظي بكل هذه الشعبية التي تحمل القائمين على البرنامج مسؤولية أكبر تجاه السلبيات التي يعاني منها، وأهمها هو الطعام الذي يبدو البطل الأهم، فمن مفطحات إلى الحلا وصحون الرز التي لا يجلس عليها سوى مجموعة صغيرة وتشير إلى الإسراف. أيضا غياب الرياضة ونوم المتسابقين حتى الظهر، ولا أعلم كيف يجتمع الشباب والنوم وعدم ممارسة الرياضة!.
إن زد رصيدك هو تجربة سعودية إعلامية رائدة تستحق الالتفات للتطوير والتحسين، ولا شك الاحتفاء.