أوهام كثيرة منذ سنوات عدة أحاطت بالأذهان عن (الدولة)، وأتى البعض من عند أنفسهم بفكرة (الخلافة الإسلامية)، وبتوفيق من الله تعالى، قيض سبحانه للمجتمعات من (يؤكد) تبديد الفكرة، بحكمة بالغة، وعلم جم
قبل أربع سنوات سنحت لي فرصة المشاركة في العاصمة الأردنية، في أعمال المؤتمر السادس عشر لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي، بعنوان (مشروع دولة إسلامية معاصرة قابلة للاستمرار ومستدامة)، وخلص المشاركون يومها فيما أذكر إلى أن النموذج الأنسب للدولة الإسلامية القابلة للاستمرار والاستدامة هو (الدولة المدنية)، التي يحكم فيها المؤتمنون من أهل الاختصاص كل في مجاله، بالاعتماد على الدستور المبني على أساس احترام القانون، والمساواة بين جميع المواطنين من كافة الأطياف العرقية والدينية، بما لا ينافي المبادئ العامة للدين الإسلامي الحنيف؛ وقبل خمسة أيام سعدت في العاصمة الإماراتية، بحضور الجلسات العلمية للملتقى الثالث لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الذي عقد بعنوان (الدولة الوطنية في المجتمعات المسلمة)، وازددت يقينا في أن المجتمعات بعمومها، والإسلامية بخصوصها لا بد أن تعي الخلاصات الدقيقة التي تم الوصول إليها بالإجماع، ومن أهم ذلك عندي؛ أن (الدولة الوطنية) دولة بتدبير إنساني، وأن الفقه الإسلامي الموروث لم يتحدث مطلقا عن (دولة مسلمة)، بل عن (دار إسلام)، وأن التاريخ يشهد بتعدد دول الإسلام، وتعدد أئمتها، ولم يثبت أن أحدا سعى إلى توحيد الأقطار تحت راية واحدة، كما لا بد أن نفهم أن الدول الوطنية والتي نشأت بعد الاستعمار دول شرعية بالمعنيين القانوني والشرعي..
أوهام كثيرة منذ سنوات عدة أحاطت بالأذهان عن (الدولة)، وأتى البعض من عند أنفسهم بفكرة (الخلافة الإسلامية)، وبتوفيق من الله تعالى، قيض سبحانه للمجتمعات من (يؤكد) تبديد الفكرة، بحكمة بالغة، وعلم جم، وأقصد بذلك شيخنا معالي الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم، العلامة المعروف، والإمام الكبير، الغني عن التعريف والألقاب؛ فبوضوح تام قال إن لسانه عاجز عن وصف هذه الفترة العمياء من الحياة، وبساطع براهينه بين أن كل الحروب تنشأ في القلوب، وأن السلم يبدأ من القلوب، وأن القلوب والعقول لا بد لها من تحصين ضد العقليات المهزومة، والمفاهيم المغلوطة، وشدني تصويره، نفع الله بعلمه، الحروبَ بلعبة الموت، وأن المجتمعات في هذه اللعبة تسجل أهدافا على نفسها، وتعيد وللأسف فترة (داحس والغبراء).
أختم شخصيا بأمنية خاصة، وهي أن لا يجد مؤرخو جيلنا عند كتابتهم لمفردات أحداثنا، فترةً يمكن أن تكون أصعب من فترة السنوات الخمس الماضية، التي راح من راح خلالها من الأبرياء؛ ضحية (الأفكار)، التي لا داعي لتجديد الألم بذكرها، ويصب في تحقيق أمنيتي هذه المشاركة الفاعلة في المنتدى لمعالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي، ورئيس المركز الفكري في التحالف الإسلامي العسكري، وعضو هيئة كبار العلماء.