عندما غضب الناس من وزير الخدمة المدنية بسبب ذلك اللقاء الشهير، بدأ التنقيب عن كل شيء يخصه، وفعلا اكتشف الناس أن الوزير وظّف ابنه. كنت أحد الذين شاركوا في موجة الغضب، كنا نبحث عن أي شيء يشفي غليلنا، فوجدنا هذه الفرصة ثم تقمصنا ثوب المثاليات الزائف.
الآن، وبعد أن هدأت العاصفة تعالوا نشاهد واقعنا ونتحدث بكل صراحة.
هل يوجد شخص بيننا لم يلجأ إلى الواسطة في حياته؟ كنا وما زلنا في أي معاملة أو خدمة مهما كانت بسيطة نسأل: تعرف أحد بالمكان الفلاني؟ حتى في القطاع الخاص نلجأ لمعارفنا!
ألم تمر علينا هذه الجملة: رح لفلان وقل له من طرف فلان؟ حتى لو كانت هذه الخدمة نظامية، فإننا نحتاج إلى واسطة للحصول عليها أو لإنهاء إجراءاتها.
كم شخصا توظف بالواسطة؟ وكم شخصا ترقى بالواسطة؟ وكم شخصا أنهى معاملته بالواسطة؟ وكم شخصا أخذ حقه بالواسطة؟
أنا هنا لا أدافع عن التحايل على النظام، ولكن الناس لم يلجؤوا إلى الواسطة إلا لأنهم لم يجدوا وسيلة أخرى أمام البيروقراطية وعدم تكافؤ الفرص.
هل نلوم الوزير لأنه وظّف ابنه -أعز الناس- بينما مدير إدارة في أي جهة حكومية أو في شركة خاصة يوظف من يريد؟!
في هذا الموضوع، حتى نزاهة فتلت عضلاتها!، لاحظ أن نزاهة حتى الآن لم تتخذ أي موقف تجاه قضية سيول جدة التي ذهبت فيها أرواح وممتلكات وسيارات ومنازل!
أما في قضية ابن الوزير فكانت شُجاعة، وعلى الفور رفعت نتائج تحقيقها إلى المقام السامي!، علما بأنها لم تكن تعرف عن الأمر إلا بعد أن أصبح حديث المجالس!، وهذا في حد ذاته كارثة.
لسان حال المواطن في هذه القضية يقول: أسد علي وفي الحروب نعامة.