أشار مقال للكاتب الإيراني، مهدي خلجي، نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إلى أنه كلما بدا أنه من الصعب على إيران مواجهة الحرب الناعمة التي تشنها الولايات المتحدة، وكلما مارست واشنطن مزيدا من الضغوط باتجاه طهران، تبادر الأخيرة إلى تعبئة الإيرانيين في جميع أنحاء العالم ضد المملكة العربية السعودية، أو تسميم ضمائرهم بزرع المشاعر المعادية للعرب فيها.
وأضاف الكاتب أن طهران تلجأ لذلك الأسلوب كنوع من أساليب حشد الرأي العام الداخلي، لتبرير إخفاق الحكومة في معالجة القضايا الملحة التي تواجه الشعب، وفي مقدمتها إجماع العالم على معارضة برنامجها النووي، إضافة إلى المشكلات الاقتصادية الضخمة التي تواجهها.
اجترار المرارات
يؤكد خلجي أن غالبية الشعب الإيراني يرفض انغماس حكومة بلاده في مشكلات المنطقة، على حساب تكثيف الجهود لمعالجة المشكلات الداخلية، ويضيف فيما يوجه رجال الدين التقليديون انتقادات للحكومة، بسبب ميلها للوحدة الإسلامية، وإهمالها الهوية الشيعية، وإعطاء الأولوية لأجندتها السياسية على حساب القضية الطائفية، فإن ملايين الإيرانيين يجاهرون بعدم رضائهم عن التوجهات الشيعية لبلادهم، على الصعيدين الإقليمي والخارجي.
ويشير المقال إلى أن المتشددين في طهران يحاولون بشتى الطرق إذكاء العداء ضد السعودية على وجه الخصوص، والعرب بشكل عام، وفي سبيل ذلك لا يفترون عن ترديد أن الذاكرة الجماعية للإيرانيين حافلة بالصور الحية من حرب الخليج الأولى، التي امتدت إلى ثماني سنوات بين إيران والعراق، والتي تركت فيها معظم الحكومات العربية إيران وحدها ودعمت العراق.
آلية تغيير النظام
دعا خلجي إلى عدم التعويل فقط على حركة مجاهدي خلق لمواجهة النظام القائم في إيران، وقال الاعتماد فقط على هذه الحركة لتغيير النظام، أشبه باستخدام مطرقة لتفكيك آلة إلكترونية متطورة، فمجاهدي خلق يمكنها تدمير النظام، عوضا عن تفكيكه، ومن ثم، يمكن استبدال النظام بنظام جديد وأفضل. فإذا كان تغيير النظام يُعتبر خيارا معقولا ومتوازنا وفعالا من حيث التكلفة، فإن المعرفة العميقة بطبيعة النظام تشكّل الخطوة الأولى في هذا المسار. وأضاف رغم كون مجاهدي خلق هي الجماعة المعارضة الأكثر تنظيما، إلا أن عددا من العوامل تصنع جدارا بينها وبين الشعب الإيراني، فهي أقل ديمقراطية من النظام الذي تحلم بتغييره، والأهم من ذلك هو تحالفها مع صدام حسين في الحرب. ويختم خلجي مقاله بالإشارة إلى أن تغيير النظام لا يمكن أن يتم عبر هذه الحركة وحدها، بل يجب أن تسبق ذلك إجراءات دبلوماسية، تعتمد على الإلمام العميق بالحكومة والشعب والمعارضة في إيران، وهو ما يشكل عاملا حيويا. بالتالي، بدلا من السياسات الانهزامية، مثل الاعتماد على حركة مجاهدي خلق، إضافة إلى وضع أطر وأجهزة فعالة ومتطورة لمعالجة الشؤون الدبلوماسية العامة تجاه إيران.