حريٌ بكل شاب مسلم كذب عليه أعداء الله ليمزق نفسه تحقيقا لمخططاتهم الإجرامية، أن يعود إلى رشده، ويتوب إلى ربه، ويحذر مسلك الخوارج الذين وصفهم النبي عليه الصلاة والسلام بأنهم: كلاب النار

سمَّى رسولنا عليه الصلاة والسلام الخوارجَ الذين يستبيحون الدماء المعصومة، ويكفِّرون المسلمين بالظنون والأوهام والجهل، ويُفْسِدون في الأرض، سماهم بالكلاب، فقال عليه الصلاة والسلام: (الخوارج كلاب أهل النار) رواه أحمد وابن ماجة وصححه الألباني، بينما يسمي كثيرٌ من الناس في زماننا الخوارجَ: بالذئاب، ربما تبعا لتسمية من صنعهم من أعداء الإسلام، وربما لغير ذلك.
وإذا كان علماء الحيوان قالوا عن الذئاب إنها: حيوانات ذكية وشجاعة وذات بديهية عالية، مفترسة ومنظمة.
وكما قيل:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي/ بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع
فإن الكلاب التي شبّه النبي عليه الصلاة والسلام بها الخوارج، تُعد من أخس الحيوانات، ولهذا شبه الله تعالى من انسلخ عن آياته بعد أن أوتيها واتبع هواه شبَّهه بالكلب، فقال تعالى: (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث).
قال ابن القيم رحمه الله: (فشبَّه سبحانه مَن آتاه كتابه وعلَّمه العلمَ الذي منعه غيرَه فترك العمل به واتَّبع هواه وآثر سخط الله على رضاه، ودنياه على آخرته، والمخلوق على الخالق (بالكلب) الذي هو مِن أخبث الحيوانات، وأوضعها قدراً، وأخسِّها نفساً، وأشدها شرهاً وحرصاً، ومِن حرصه أنَّه لا يمشي إلا وخطمه في الأرض يتشمَّم ويستروح حرصاً وشرهاً. ولا يزال يَشُمُّ دبره دون سائر أجزائه، وهو مِن أمهن الحيوانات وأحملها للهوان وأرضاها بالدنايا).
وهذا الهوان هو حال الخوارج، يُهينهم أعداء الإسلام، ويملؤون أحشاءهم وربما أدبارهم بالمتفجرات، ويرسلونهم لتمزيق أنفسهم وغيرهم، إذ لا قيمة لهم عند من أرسلهم، ينتهي دورهم بتطاير أجسادهم، بينما لا يفعل ذلك من يأمرهم بنفسه ولا بأبنائه، فهو لا يريد الجنة والحور التي يوهم غيره بها، بينما ذلك الأداة المسكين ليس له من الأمر شيء، يَقتل نفسه، ويُخرب بيته بيده، ليُرضي أعداء الإسلام، فأي هوان أعظم من هذا؟ وَوَصْفُ النبي عليه الصلاة والسلام الخوارج بالكلاب، مطابق لحالهم. فهم يشبهون الكلاب في أمور:
الأول: كثرة نباحهم وعوائهم بالتكفير والتضليل للمسلمين.
ثانيا: عدم الملل من الأذية، ودوام اللهث، وكل شيء يلهث، فإنما يلهثُ مِن إعياءٍ أو عطشٍ إلا الكلب، فإنَّه يلهث في حالِ التعب وحالِ الراحة، فهم في استمرار في الأذية (كل ما خرج قرن منهم قُطِع) حتى يخرج آخرهم مع الدجال فهم لا يملون ولا يكلون، ومع ذلك فهم مدحورون مقطوعون.
ثالثا: شدة كَلَب وأذية الخوارج لأهل الإسلام.
رابعا: الكلب وفِيٌ لسيده، وهم أوفياء لأسيادهم من أعداء الإسلام، يُنفِّذون أوامرهم، ولو بتمزيق أجسادهم، وليس عندهم الجرأة أن يسألوا لماذا نحن نفجر وليس أنتم؟ ولماذا لا تسبقوننا إلى الجنة والحور إن كان ما تقولونه حقا؟ ولهذا كان وصفهم بالكلاب مطابقا لحالهم.
قال المناوي في فيض القدير: والحكمة من عقابهم بهذا العقاب: (أنهم كانوا في الدنيا كلابا على المسلمين، فيكفرونهم ويعتدون عليهم ويقتلونهم).
فحريٌ بكل شاب مسلم كذب عليه أعداء الله ليمزق نفسه تحقيقا لمخططاتهم الإجرامية، أن يعود إلى رشده، ويتوب إلى ربه، ويحذر مسلك الخوارج الذين وصفهم النبي عليه الصلاة والسلام بأنهم: شر قتلى تحت أديم السماء، وأنهم كلاب النار، ولا ينخدع بوعودهم بالجنة، فالجنة عند الله ليست عندهم، ولا يُشْهد لأحدٍ بعينه بالجنة إلا لمن شهد له الله ورسولُه عليه الصلاة والسلام، وإذا كان بعض من قاتل المشركين مع النبي عليه الصلاة والسلام قال عنه الرسول عليه الصلاة والسلام :(هو في النار)، ولما قال الصحابة رضي الله عنهم لرجل قُتل في خيبر: (هنيئا له الجنة. عندئذٍ قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها من المغانم- لم تصبها المقاسم- لتشتعل عليه نارا) فما بالك بمن قاتل مع جماعات وأحزاب وتنظيمات هالكة؟
فجرأتُهم بالشهادة والجنة عجيبة، وتَنفيذهم لتوجيهات أعداء الإسلام مصيبة، هداهم الله، وأعادهم إلى صراطه المستقيم.