بعد ما تسببت أسعار النفط المنخفضة في السنتين الماضيتين في هبوط أكثر من 300 مليار من استثمارات المنبع حول العالم مع وقوع أكثر من 100 حالة إفلاس لمنتجي النفط والغاز الصخري وشركات الخدمات النفطية الأميركية، ردت قيادتنا بما يدحض كل ما يثار، حول خطط المملكة للطاقة ونظرتها للمستقبل، ووضوح أهدافها في توظيف إمكاناتها الهائلة في رفعة الوطن والمواطن. فدشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال زيارته للمنطقة الشرقية، عددا من المشاريع التنموية، من مشاريع المنبع والبتروكيماويات، ووضع حجر الأساس لمجمع رأس الخير للصناعات والخدمات البحرية، مما سيسهم في دفع عجلة التنمية، كما سيرسخ الخطى لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
ولعل واجب التخصص يحتم عليّ الإشادة بمشاريع المنبع في النفط والغاز في فترة الركود الاقتصادي العالمي، حيث إن من بين المشاريع التي دشنها الملك سلمان مشروع منيفة الذي يؤدي إلى تحقيق أقصى قدر من الاستفادة من موارد النفط والغاز في المملكة. كما دشن خادم الحرمين معمل الغاز في واسط، الواقع شمال مدينة الجبيل الصناعية، كأحدث معمل للغاز يساعد على تلبية احتياجات المملكة من الغاز، وكجزء من رؤية المملكة 2030 التي تنص في محورها الاقتصادي على أهمية مضاعفة إنتاجنا من الغاز وإنشاء شبكة وطنية للتوسع في أنشطة توزيعه، وتزيد مصانع البتروكيماويات بحاجتها من الغاز والدفع بعجلة هذه الصناعة التي أصبحت المملكة من روادها في المنطقة بل والعالم، وسيسهم المعمل بمفرده في رفع طاقة معالجة الغاز في المملكة، ولتلبية الاحتياجات المحلية من الطاقة وتعزيز الاقتصاد الوطني.
كما دشن خادم الحرمين الشريفين مشروع حقل الشيبة الذي سيضيف إنتاج كميات من النفط الخام العربي الخفيف جدا. حزمة مشاريع متكاملة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الدعم والتحفيز لقطاع الطاقة.
ولعلي أركز اليوم على تدشين مشاريع المنبع الثلاثة: منيفة وواسط وشيبة، حيث إن استمرار تدشين مشاريع الطاقة وبالأخص مشاريع المنبع في ظل أسعار النفط المنخفضة له دلالات واضحة على محورية هذا القطاع، ولا بد من مزيد من تسليط الضوء على هذه النقاط المحورية:
أولا: وفاء المملكة بالتزامها الدائم تجاه الطلب العالمي على النفط، وهذا مؤشر لا يمكن إغفاله، يدل على أن المملكة رغم الانخفاض الشديد في أسعار النفط إلا أن مشاريع المنبع لم تتأثر مثل باقي الدول، وأن متانة قواعد العمل في هذا القطاع أقوى من التأثر بأي تغير عابر، فالمملكة بهذا كانت وستظل -بإذن الله- المنتج الأقوى والركن الأمين والملاذ الآمن لكل ما يتصل بقطاع النفط والغاز، المملكة ثقة في الوفاء لم يحصل أن ضعفت أو تراخت قط عن التزامها تجاه تزويد العالم بالنفط، واستقرار أسواقه، والمساهمة المستمرة الواعية في دفع العجلة التنموية لكل الشركاء.
ثانيا: ومرة أخرى رغم أسعار النفط المنخفضة والاقتصاد العالمي المنحدر، فإن المملكة ماضية قدما في تنفيذ واجبات المرحلة، وكل ما يدعم متطلبات تطبيق رؤية 2030 لاقتصاد أقوى، بمشيئة الله، وتنويع مصادر الدخل، والعمل على تأمين كل السبل التي تضمن التحول الوطني نحو المكانة التي تستحقها المملكة بين مصاف الدول الكبرى المؤثرة، ليس في المحيط الإقليمي فحسب، بل في المحيط الدولي والعالمي.
وأخيرا وإن جادلنا الإعلام النفطي الغربي المغرض بأن مشاريع المنبع هذه بدأت بنيتها التحتية في ظل أسعار نفط مرتفعة في أعوام 2010 إلى منتصف 2014، نرد ونقول إنه مع أسعار النفط المنخفضة من سنتين إلا أن مشاريع المنبع في المملكة لم تتوقف واستمرت كما خطط لها مسبقا، بينما مشاريع المنبع الأخرى حول العالم يسودها حاليا كثير من التخبط والفوضى والفساد المالي.