أكد رئيس مؤسسة فكر الأمير خالد الفيصل، في كلمته بمؤتمر فكر15 الذي اختتمت أعماله أمس في العاصمة الإماراتية أبوظبي، سعي المؤسسة إلى رفع التقارير إلى أصحاب القرار في الحكومات العربية وفي المؤسسات الثقافية والاجتماعية في جميع أنحاء الوطن العربي، مع الاستمرارية في دراسة الموضوع العام المقبل.
واحتفت مؤسسة الفكر العربي بالفائزين في جائزة الإبداع العربي في دورتها العاشرة للعام 2016، عشية اختتام الفعاليات، بحضور الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة الذي تسلم جائزة سيرة عطاء من الفيصل، كما حضرالرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل، والأمير بندر بن خالد الفيصل، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني، ورئيس البرلمان العربي أحمد الجروان، والشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام، والأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ونخبة من المثقفين والأكاديميين والدبلوماسيين والإعلاميين، وكان المتحدثون في المؤتمر قد أوصوا بضرورة تجديد الخطاب الثقافي لتعزيز الهوية العربية والإسلامية، والاستثمار في العمل الثقافي الذي ينعكس إيجابا على الاقتصاد ويرفع من شأن الدول عالميا.
حذروني من الفكرة
حول التقرير السنوي للمؤسسة الذي خصص في العام الجاري لتناول تجربة مجلس التعاون الخليجي العربي، ودولة الإمارات العربية المتحدة، صرح الأمير خالد الفيصل: نقدم هاتين التجربتين أنموذجا للتكامل العربي، الذي خصصنا له الوقت والجهد منذ أن انطلقت الفكرة من مؤتمر فكر في الصخيرات قبل عامين، مرورا بالقاهرة العام الماضي، وانتهاء بالمؤتمر في أبوظبي.
متابعا، سعيد جدا بأن الفكرة التي انطلقت قبل سنتين تبنتها الدول العربية وتبنتها القيادات العربية أيضا، وترددت كثيرا في أروقة الحكومات، وفي جامعة الدول العربية وفي مجلس التعاون الخليجي، وآخرها مؤتمر القمة الخليجية قبل أيام في البحرين، عندما أكد نهج التكامل العربي لدول الخليج، مشيرا إلى أن المسألة يجب الوقوف عندها طويلا نظرا لأنها غير مسبوقة وغير معهودة في قضية التنمية والتطوير في الوطن العربي.
وقال سمعنا كثيرا عن أراء وأفكار تطرح هنا وهناك، لكنها كانت تأخذ عشرات السنين أو ربما مئة عام حتى نرى لها تأثيرا مباشرا على أرض الواقع.
مضيفا عندما أسسنا المؤسسة كنا على الطريق الصحيح، وحين طرحت إنشاء مؤسسة تحت شعار المبادرة التضامنية بين الفكر والمال للنهوض بالأمة قبل 16 عاما، تشكك منها الكثيرون وتراجع عنها أكثر من الكثير، بل وقد تم تحذيري من أن أطرح الفكرة من الأساس، لكن ولله الحمد نجحت الفكرة بجهود أفراد المجتمع العربي المستنير، فكانت الدعوة صريحة، والاستجابة سريعة. متابعا عندما سألني البعض في ذلك الوقت لماذا هذه المؤسسة ولماذا تعنى بالثقافة، أجبت أن الأصل من وجودها هو تجسير الفجوة بين المفكر والمثقف من جهة، والمسؤول والسياسي من جهة أخرى. وأوضح، أن الاستجابات السريعة على تلك الأفكار التي تنطلق من اجتماعات ومن آراء وأفكار أهل الفكر والثقافة، هي علامة فارقة في التغيير الذي يحدث في هذا الجزء من العالم، ولنا الشرف جميعا أننا جزء من هذا العالم وأننا نسعى لتطويره. معبرا عن سعادته البالغة واعتزازه بالمجموعات التي تبنت بسرعة طرح فكر جديد لنهج جديد، وأن يخرج منها تقرير على مستوى من الإدراك والوعي.
جائزة مرموقة
أوضح المدير العام لمؤسسة الفكر العربي البروفسور هنري العويط في كلمة له، أن جائزة الإبداع العربي ليست الأقدم عهدا، فقد شهد العالم العربي في العقدين الأخيرين إطلاق عدد ملحوظ من الجوائز العلمية والأدبية. وأيا تكن دوافع هذه المبادرات ومراميها، فهي تشكل ظاهرة إيجابية تستحق التقدير والثناء. مؤكدا أن المؤسسة تطمح من خلال جوائزها، لا إلى الإعلاء من شأن الإبداع وتكريم المبدعين وحسب، بل أيضا إلى التحفيز على الإبداع وتشجيع المواهب الناشئة والواعدة على تفجير طاقاتهم الإبداعية الكامنة. فضلا عما باتت جائزة الإبداع العربي تتمتع به من سمعة طيبة ومصداقية عالية، بفضل دقة آليات الترشيح المتبعة، وصرامة معايير التحكيم المعتمدة.
وقال العويط: يحق لمؤسسة الفكر العربي أن تشعر بالاطمئنان إلى سلامة التوجهات، وبالرضى عن الأداء والإنجازات. ولكنها مدعوة، وفي هذه المناسبة بالذات، إلى إخضاع جائزتها لمراجعة شاملة، من أجل الإعداد لانطلاقة متجددة للجائزة في مطلع هذا العقد الثاني من عمرها.
الحياد والشفافية
رفع رئيس مجلس إدارة مؤسسة الفكر العربي الأمير بندر بن خالد الفيصل في كلمته خالص التهاني والتبريكات، إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وحكومته الرشيدة، وشعبها الكريم، بمناسبة حلول الذكرى الخامسة والأربعين لقيام هذه الدولة المباركة، والتي قدمت نموذجا يحتذى به للوحدة العربية. ورحب سموه بالحضور الحاشد وأرباب الفكر ورعاته، قائلا وإذ تحتفل مؤسسة الفكر العربي اليوم بمرور خمسة عشر عاما على رصد جوائزها السنوية للإبداع العربي، وعشر سنوات على تطويرها إلى ما هي عليه اليوم، وتحرص على التزام الحياد والشفافية في تحكيمها، طبقا للأسس العلمية والموضوعية، يسعدها أن تهدي لأمتنا العربية، هذه النجوم الساطعة في سماء الإبداع المميز، التي استحقت بجدارة الفوز بجوائز هذا العام، لتنضم مع سوابقها إلى رصيد الأمة، من القوة الفكرية والمعرفية، الفاعلة في الحفاظ على توازنها وتطويرها ورفعتها.
دعم المشاريع الثقافية
أكد المشاركون في الجلسة الختامية للمؤتمر، أن المثقفين الخليجيين مصدرون للفكر والأدب بامتياز بعدما كانوا مستهلكين في الماضي. داعين إلى زيادة دعم المشاريع الثقافية التي تعزز من الثقافة العربية، إلى جانب تطوير البنية التحتية للثقافة والتراث في الوطن العربي بالتوسع في المتاحف والأعمال الفنية المسرحية والسينمائية وإنشاء المكتبات، مطالبين بتأسيس أذرع علمية وبحثية في الوطن العربي وشمال أفريقيا لتعزيز البحث العلمي. واستهل الدكتور علي الدين هلال كلمته باستعارة مقولة الباحث والمفكر الكويتي محمد الرميحي الخليج ليس نفطا، وليس الخليج ثروة ولا فنادق فاخرة ولا مبان شاهقة، وإنما الخليج حضارة وثقافة ومكون من مكونات الثقافة العربية، ولفت إلى وجود تغير في إدراك النخب الحاكمة في الخليج بأهمية الثقافة، حتى ظهر مفهوم الاستثمار في الثقافة واعتبارها مصدرا من مصادر الدخل القومي.
أما الباحث الدكتور يوسف الحسن فرأى أن الاهتمام بالثقافة في دول الخليج كان متأخرا حتى وقت قريب، فيما بدأت الأمور تتغير بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مشددا على أن أي استراتيجيات مشتركة لابد أن تجيب عن تساؤل: أي مجلس للتعاون بين دول الخليج نريده في المستقبل؟ وهو سؤال مرتبط بالإرادة السياسية في المقام الأول.
ولفت إلى أن الثقافة في الخليج تعمل على تأكيد الهوية العربية الإسلامية، وتستلهم التراث من دون تجاهل معطيات العصر الحديث.