يخيم الغموض من جديد على الاقتصاد التركي، وبعد سنوات من النمو السريع الذي شهدته البلاد خلال الفترة من 2002 إلى 2014، ألقى الانقلاب العسكري الفاشل في يوليو الماضي، بظلاله على مؤشرات الاقتصاد، في وقت تصنف فيه تركيا بأنها من ضمن قائمة الـ20 الأكبر اقتصادا حول العالم. وبحسب محللين، بات الركود والترنح يخيمان على الاقتصاد المحلي بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان، أزمة تركيا الاقتصادية التي مرت بها في عام 2001، حين زادت قيمة الدولار، وأدى ذلك إلى تضاعف ديون الشركات الموفرة للتمويلات الخارجية.
وقع الاضطرابات السياسية
في العام الماضي، سجل حجم رؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة في تركيا انخفاضا ملحوظا، وأدى ذلك إلى انخفاض سوق تركيا من 22 مليار دولار في عام 2014، إلى 15 مليار دولار في عام 2015، الأمر الذي أثار حفيظة العديد من خبراء الاقتصاد ودفع بهم إلى البحث عن أسباب التراجع الملحوظ. وأوضح المحلل الاقتصادي، حمزة يلماز، في تصريح إلى الوطن أن المخاوف في الشارع التركي بعد الانقلاب أدت إلى تفاقم المخاوف من أن تؤدي السياسة الخارجية والاقتصادية في تركيا، إلى هروب مزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، مرجعا سبب تراجع الليرة التركية إلى نقص دخول الأموال الأجنبية لتركيا، وعزوف المستثمرين عنها، مشيرا إلى أن الاضطرابات السياسية تترك الاقتصاد الوطني عرضة للخطر، نظرا لاعتمادها على الاستثمار الأجنبي، لتمويل العجز في الحساب الجاري، مشددا على أن تركيا يجب أن تجتاز الأزمة الحالية بأسرع وقت ممكن.
تفاؤل يسير
من جانبها، ترى بعض الأوساط الاقتصادية التركية أن الاقتصاد التركي رغم ما يعانيه من ارتفاع العجز في موازنة الدولة، إلا أن التوقعات المالية تشير إلى أن الأداء الاقتصادي للبلاد سيتحسن مطلع العام المقبل، بفضل الخطط المالية التي عززت من اعتمادها على السوق المحلي وتخفيض مستويات الاستيراد، بإضافة إلى التفاؤل بتجاوز الأزمات التي عانت منها البلاد، على غرار أزمة اللاجئين السوريين العام الماضي. كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قد طالب الأتراك مؤخرا بتحويل العملات الأجنبية التي بحوزتهم إلى الليرة التركية، بهدف دعم العملة المحلية التي ما زالت في طريقها نحو الانخفاض، في وقت تبدو فيه الأسواق المالية قلقة بشان تدخلات إردوغان المتكررة في الشؤون الاقتصادية، مثل مطالباته الأخيرة للبنك المركزي بخفض فوائده رغم ارتفاع نسبة التضخم أكثر من 7 %.