في اللسان الشعبي يطلق الناس على الكذبة المكشوفة صاروخ، وكثيرا ما ربط هواة تجميع مقاطع يوتيوب بين تصريحات بعض الوزراء وإطلاق الصواريخ! أذكر حديثا لأحد الوزراء دمج معه فيديو لإطلاق 20 صاروخا!
قبل سنة قالت مؤسسة التقاعد إنها تجري دراسة سنوية لقياس مدى رضا المتقاعدين، وأن نتائج الدراسة ذاتها التي تمت العام الذي سبقه أوضحت أن مستوى الرضا المتحقق بلغ 87 %!
أمضيت حينذاك 6 أشهر منذ أن تركت الوظيفة الحكومية.. لم يرد لي أي اتصال، أو استفسار، أو استبيان من مؤسسة التقاعد! اليوم تمضي قرابة السنتين، دون أن يشعرني أحد أنني متقاعد سوى تعليقات بعض أصدقائي، ووصفاتهم الطبية لتقوية الذاكرة!
أنا لا أتهم المؤسسة ومسؤوليها بإطلاق الصواريخ.. لكن أطالبهم بالموضوعية حينما يخاطبوننا.. حينما تستقرئ وتستطلع آراء بضعة متقاعدين، فهذا لا يخولها القول إنها وصلت إلى نحو 710 آلاف متقاعد، هم عدد المتقاعدين نهاية عام 2015.
نحن في السعودية من أكثر الشعوب ضحية للدراسات الوهمية مجهولة المصدر، واستطلاعات الرأي الصاروخية، التي لا تستطيع إثبات صدقيتها.. أمس هذا، خرجت إحدى الصحف المحلية تنقل لنا خبرا فكاهيا يقول إن 57 % من السعوديين يؤكدون أن القطاع الخاص يكتسب أهمية كبيرة في سوق العمل السعودية، إذ يعولون عليه في توفير الوظائف!
الإحصائية كشفت عنها شركة خاصة بالاستشارات.. وتحمل اسما أجنبيا -لتمرير موثوقيتها فيما يبدو- وهذا الاستطلاع بلغة الأرقام هو رأي قرابة 12 مليون سعودي وسعودية! هناك خطأ متعمد في تمرير الدراسة.. لتكتشف الخطأ العلمي اسأل نفسك: هل استوقفك أحد في الشارع خلال الثلاثين يوما الماضية وطلب رأيك عن القطاع الخاص!
حينما تواصل قراءة بقية الخبر تجد أن الشركة تقول إن هذا رأي 300 شخص تم اختيارهم من الدمام والرياض وجدة.. وكأن السعودية هي هذه المدن الثلاث فقط، وكأن هؤلاء الشباب الـ300 ممثلون -ومتماثلون بالظروف والعادات- لقرابة 10 ملايين شاب سعودي! نحن بالفعل بحاجة لضبط هذا الفلتان في الدراسات والاستطلاعات التي أصبحت على قفا من يشيل.. فأصبح من يريد تمرير أي قرار، أو قناعة ظالمة، يطلب من شركات الصواريخ، إطلاق دراسة صاروخية تهيئ الأرضية للقرار المنتظر!