شاعت قبل زمن ليس بالقصير دعوات لتبسيط قواعد اللغة العربية، وتيسير كتابتها كما تنطق، وكان أبرز الداعين إلى ذلك الدكتور طه حسين، حين بدأ بنفسه ونشر مقالاته بالرسم الجديد، من خلال ما طرحه في صحيفة الجمهورية يوم 8 يونيو عام 1956تحت عنوان خصام في غير موضع للخصام، مما دفع الصحيفة إلى تنبيه القارئ إلى أن مقال طه حسين لا يحتوي على أي خطأ مطبعي، قرأت المقال الذي أعيد نشره في سلسلة تراث الجمهورية الجزء التاسع عشر، فوجدت طه حسين يرسم حروف مقاله على قاعدة جديدة، تهدف إلى رسم الكلمات العربية كما ننطقها، فتلغى الألف المقصورة وتستبدل بالألف الظاهرة مثل مصطفى تصبح مصطفا وأعطى تصبح أعطا، وغير ذلك من الرسم لبعض الكلمات طه طاها. هذا هاذا. إلى إلا. على علا. ذلك ذالك. مضى مضا. هؤلاء هاؤلاء. لكن لاكن. أبى أبا. ألقى ألقا .انقضى انقضا. معنى معنا. يعفى يعفا. أذى أذا. أذكى أذكا. ترضى ترضا. وكل هذه الرسوم المغايرة وردت في مقال طه حسين، إمعانا وتأكيدا لدعوته، وقد سخرت المجامع اللغوية واستخفت بدعوته، واعتبرته انقلابا على ثوابت العربية، كما تصدى لدعوته عدد من المفكرين وأئمة اللغة، وكان أبرزهم عباس العقاد الذي اعتبرها بذرة الفساد الأولى للقضاء على كيان هذه اللغة، ووجه العقاد سؤالا إلى طه حسين يقول افرض أنك كتبت جملة فلان على الجبل هكذا فلان علا الجبل فكيف نقرأ الجبل بعدها؟، وماذا يكون المعنى المحدد الذي تقصده من هذه الجملة؟ هل هو علا الجبل بمعنى أنه ارتفع؟ أو علا الجبل بمعنى أنك علوته؟ وماذا تريد من هذه الدعوى؟ ثم ماذا تصنع بالله عليك في كتابة كلمتي إلى وإلا مع ملاحظة أن هناك قاعدة تتطلب ضرورة كتابة كل ألف رابعة ياء؟ كما شن الشاعر بيرم التونسي هجوما عنيفا ولاذعا على طه حسين وفكرته قائلا: سيقولون قف أيها الزجال، اسكت أيها الأمي العامي، مالك ولهذا، إن هدف القوم هو موالاة التخريب في بناء الكتابة العربية، لننتهي إلى استعمال اللاتينية وعندئذ تنقطع الصلة بين المسلمين وكتابهم، إن الكتابة العربية ظلت قرابة قرن بلا نقط، حتى خيف على القرآن الكريم من ألسنة الأجانب، فنقط الحجاج المصحف، وأعقبه الخليل بن أحمد فوضع علامات الإعراب، ولم يبق بعد ذلك في الكتابة ما يوجب الشكوى، إلى أن ظهر أصحاب الطوايا الخبيثة، وقد خسر طه حسين دعوته، كما خسر قبله أحمد أمين، وإبراهيم مصطفى، ومنصور فهمي الذي دعا إلى كتابة العربية بالحروف اللاتينية.