ما الشيء المهم الوحيد الذي يحدد لنا ما إذا كان البلد غنيا أو فقيرا؟ إنه ليس مستوى الإنفاق الحكومي والضرائب والتنظيم أو الاستقرار النقدي، على الرغم من أن هذه العوامل مهمة جدا.
فالشيء الأهم هو سيادة القانون، المعروف بنزاهته لتطبيق القواعد على الجميع وعلى قدم المساواة، وحيث لا يتم التسامح مع الفساد.
نهاية الدول الكبرى والإمبراطوريات غالبا ما سببها الفساد والتآكل الداخلي، وليس بسبب أعداء من الخارج، وما جرى في اليونان وروما قديما خير مثال على لذلك. 
ومن أسباب نهاية الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية في أوروبا الشرقية، تفشي الفساد وغياب سيادة القانون في أنظمتها، وليست ضغوطا خارجية فحسب.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر، والرئيس الأميركي ريجان، والبابا يوحنا بولس الثاني، قادرين على إسقاط الأنظمة الشيوعية إلى حد كبير بكلماتهم عن فساد تلك الدول، ولقد كانت هذه المجموعة القوة الحقيقة الكافية لإعطاء الدفعة النهائية لتحطيم الأنظمة الشيوعية. 
جادل الآباء الأميركيون المؤسسون بأن أكبر خطر على الجمهورية يأتي من تآكل سيادة القانون. ولم تكن أميركا أبدا خالية من الفساد، ولكن أكثر من ذلك حدث على المستوى المحلي، إذ كان فساد بوس تويد المعروف بسيطرته على كثير من المؤسسات في مدينة نيويورك في منتصف الثمانينات، وكان فساد توماس بندرجست الزعيم السياسي المسيطر على مدينة كانساس بولاية ميزوري في الفترة من 1925-1939، والذي أدين أخيرا بالتهرب من ضريبة الدخل، فضلا عن ارتكابه أكثر الجرائم خطورة، إذ قام بالتزوير والرشوة والتخطيط لحمايته على نطاق واسع.
وتاريخيا، كانت أميركا تعتمد على الصحافة بقدر ما تعتمد على النيابة العامة المستقلة، لفضح مخالفات المسؤولين الحكوميين.
وعندما أصبح واضحا أن بعض المسؤولين في إدارة الرئيس نيكسون، بما في ذلك الرئيس نفسه، قد تجاوزوا الخط الأحمر، كان أعضاء من الصحافة كشفوا فضيحة ووترجيت.
ومع اقتراب موعد حسم الانتخابات الرئاسية الأميركية، تزداد حدة الحملات الانتخابية بين المرشحيْن، هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، وتصاعدت الاتهامات بين الطرفين.
وقد كشفت هذه الانتخابات وجها آخر في السياسة الأميركية، اتهامات بالفساد، وبالمسؤولية عن تفشي ظاهرة الإرهاب في العالم، واتهامات متبادلة بعدم القدرة على قيادة البلاد.
ويواجه دونالد ترامب، سلسلة من الاتهامات بالفساد والشبهات، خاصة تجاوزات عمل مؤسسته الخيرية الشخصية، ويمكن للمرء أن يجد كثيرا من الأسباب لعدم التصويت لمصلحة ترامب، بما في ذلك قدر كبير من الشك عن: ماذا سيفعل إذا أصبح رئيسا للبلاد؟.

• عضو بمجلس إدارة المجلس الأميركي لتكوين رأس المال - (الواشنطن تايمز) الأميركية