وقفت المملكة سدا منيعاً في وجه الكثير من المؤامرات التي كانت تطبخ في دهاليز الدول الكبرى وتتولى إيران وأعوانها في المنطقة تنفيذها

‏كل ما يحدث حولنا هذه الأيام يشير إلى أن رائحة الاستواء هي إعلان على اقتراب الطبخة من النضج بما يدفع الطباخين إلى تقصير جذوة النار المضطرمة منذ حين تحت قدور الطبخ.
‏ومع ذلك فإن شعلة النار ستظل باقية في أدنى درجاتها، ولن تنطفئ تماماً لكي تكون قابلة للإشعال مرة أخرى كلما دعت الحاجة إلى نصب قدور أخرى، ربما بنفس المقادير السابقة أو أخرى جديدة، ومرد ذلك وفقاً لحجم الشبع والاستطعام والتلذذ الذي يمكن للوجبة أن تكون قد حققته لكل الجائعين ‏النهمين من الضيوف الكبار الذين يقلطون في صوالين المنطقة العربية كلما قرصهم الجوع أو عندما تدعوهم الحاجة إلى تدبير أغراض الوليمة فيلجؤون للتسوق في ساحاتنا العربية.
‏ومعلوم أنه من المتيسر لهؤلاء الضيوف الحصول على كل رغباتهم من خلال السوق السوداء التي يسيطر عليها بعض أعداء الأمة العربية من جيرانها أو من بعض (طوابير) الخونة الذين يبيعون مواقفهم ‏في سوق المزاد.
لقد كانت كل النذر تشير إلى استهداف المنطقة وتفتيتها إلى مجموعة من الوجبات واللقيمات الصغيرة والهشة، وكان سوق المتاجرة مفتوحاً على مصراعيه.
ولهذا لم يكن من مخرج لدى المخلصين في المملكة ‏والخليج ومن بعض الأصدقاء إلا المناورة ‏حيناً والمصانعة أحياناً أخرى والهروب إلى الأمام والسعي لإطفاء النار المشتعلة تحت المرجل، وهم في ذلك كمن يتمثل قول الشاعر:
إذا لم تكن إلا الأسنة مركباً
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
‏ولهذا وقفت المملكة سدا منيعاً وصامداً في وجه الكثير من المؤامرات التي كانت تطبخ في دهاليز الدول الكبرى، وتتولى إيران وأعوانها في المنطقة من الميليشيات والتنظيمات الطائفية تنفيذها، وهكذا لم يكن أمام المملكة إلا مواجهة هذه المخططات على النحو الذي جعلها ‏تطرح خيار المواجهة والحرب في اليمن لأنها الخيار الوحيد في استعادة اليمن التي كانت على شفا حفرة من الوقوع في حبّالة النفوذ الصفوي الذي تمدد في الخريطة العربية شمالا وجنوبا، لكنها عاصفة الحزم ‏التي هبت لتفرض واقعا مغايراً للمخطط التآمري الدولي.
‏وسيكون الأمر في سوريا - كذلك - على غير ما تم التخطيط له في الليل الدامس، ولن تكون مشيئة الآخرين سيفاً مصلتاً على نحرك إذا أدركوا أنك لا ترضى الذلة والخنوع، وأن لديك أسبابك ‏التي تدفع بها الخطر عن حدودك، وأن يكون لديك النفس الطويل القادر على إخماد النار تحت القدور وإفساد الطبخة، وهذا هو الذي يحدث هذه الأيام، ويظهر جلياً في التحركات الدولية والإقليمية من كل اتجاه وصوب.