صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) – الأميركية
بما أن معركة تحرير الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية من داعش قد بدأت بالفعل، فلا بد من الإشارة إلى أن المعركة الحقيقية التي يتعيَّن على الموصل خوضها، ليست فقط التفوق العسكري على التنظيم في ساحات القتال، ولا مجرد السيطرة على الأرض بعد هروب التنظيم من المدينة، بل تتعلق بفقدان داعش مكانته واستياء السكان منه، وهذا ما بدأ يحدث بالفعل.
ولقد أحدثت حماقة ووحشية تنظيم داعش تجاه المسلمين قطيعة بينه وبين المجتمعات التي يتمركز فيها، ذلك لأن إستراتيجيته قائمة على الكراهية، ما يعني أن مصيره الانهيار في أكبر معاقله.
وقبل أن تسقط القنابل على عناصر التنظيم، بوقت طويل، كان التنظيم يدمِّر نفسه بنفسه داخل الموصل. ومن المؤكد أن التنظيم فقد الكثير من قياداته الميدانية جراء الهجمات الأميركية التي نجحت في قطع الاتصالات والإمدادات النقدية ومبيعات النفط عن التنظيم داخل مناطق خلافته المزعومة.
وبما أن الجيش العراقي أبعد ما يكون عن الوحدة والتماسك منذ 2014، فلذا لا يزال أمامه وقت طويل كي يحصل على تدريبات جيدِّة. وعندما أظهرت الحكومة العراقية السابقة معاداتها للسُنّة، التحق كثير منهم بصفوف تنظيم داعش الإرهابي.
لقد أدت مشاهد العنف والوحشية التي ينفذها تنظيم داعش ويستهدف بها المسلمين السُنة إلى نفورهم من التنظيم وسلوكه الوحشي، مما يثبت أنه أسوأ ما يكون عدوا لنفسه. وبما أن التنظيم انسحب من المدن الصغيرة بعدما تلقى ضربات من القوات العراقية، فإن انسحابه قد ترك أدلة كشفت ما ارتكبه من عمليات قتل جماعي نفذها ضد السكان المحليين ومقاتليه.
وكشفت التقارير الواردة من الموصل أن عناصر داعش التي تولت مناصب قيادية في الموصل، تفتقر المهارات الإدارية اللازمة لتسيير اقتصاد مدينة بحجم مدينة الموصل، فلقد ضللت تلك العناصر القيادية سكان المدينة وأوهمتهم بقدرتها على تدشين الخلافة.
وأشار بعض سكان الموصل الذين لاذوا بالفرار إلى أن قادة التنظيم يفرضون قيوداً اجتماعية صارمة على السكان، بدرجة تثير الاستياء وتجعل الناس يكرهون حياتهم. وتُعد الفكرة السائدة لدى المسلمين عن وحشية التنظيم، البذرة الأولى لتدميره، الأمر وصل لدرجة أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري قد حذر داعش من الإساءة للمسلمين، أو ارتكاب جرائم ضدهم.
تبدو عملية تحرير الموصل من داعش بشكل كامل قد تستغرق بضعة أسابيع، لكن الانهيار الحقيقي للتنظيم ومعوَل هدمه يكمنان في أفكاره وإستراتيجيته القائمة على الكراهية والعنف.