حين نقول دراسات التلفاز فإننا نتكلم عن خليط من الحقول المعرفية الإنسانية التي يمررها التلفاز للناس، ولذا فإن دراسات التلفاز بطبيعة الحال تتضمن دراسة الجماهير وكيفية تعاطيهم واستقرائهم للمادة المعروضة، وقضايا العرض الثقافي والاحتكار الإداري والكثير من المعاني السيميائية المبطنة، كما أنها تمتد لتشمل التحليل اللغوي للخطاب الإعلامي وأجزاء أخرى من علم اللغات. في بداية التسعينات الميلادية بدأت معظم دول العالم الأول بالتعامل مع الإعلام التلفزيوني كحقل علمي بذاته، تشرف عليه منظمات وإدارات مختصة لعل أحدها وكالة التلفاز المستقل ببريطانيا ومثلها بفرنسا والدنمارك وبقية الدول.
يقول أحد المختصين في دراسات التلفاز، جرانفيل ويليام، إن التلفاز إما أن يكون تجارياً يتعامل مع متابعيه كزبائن وعملاء يتكسب من ورائهم عن طريق الإعلانات والمسابقات أو أن يكون منصة إبداعية تعنى بالتطوير والتحسين، وفي هذه الحالة يكون دعمه المادي خارجيا إما عن طريق ضريبة يدفعها المتابعون أو تدفعها سلطة عليا. وفي كلتا الحالتين فإن مخرجات التلفاز هي قوالب ثقافية، حيث إنها تكشف للمتابع المحلي أو الخارجي عن الوضع الاجتماعي والهوية واللغة/اللهجة والمستوى المادي والممارسات الاجتماعية للناس الذين يتم تمثيلهم، وهذا يشمل البرامج الوثائقية والأخبار وحتى الأفلام والمسلسلات.
المسلسلات الطويلة أو (السوب أوبرا) كالمسلسلات التركية والأميركية هي إحدى مخرجات التلفاز العالمي والتي ظهرت لأول مرة في الخمسينات الميلادية، وتعتمد في أغلب الأحيان على قصص واقعية أو قريبة من الواقع، كما أنها تستهدف الجمهور النسائي عن طريق القصص والأحداث التي تتضمن في جزء كبير منها علاقات عاطفية، ويعود سبب استهدافها للجمهور النسائي إلى وجود المرأة في المنزل معظم الوقت في الخمسينات الميلادية. تمتد بعض هذه المسلسلات مثل الأميركي As the
world turns . و رغم أن هذه المسلسلات هدفها تسويقي كما ذكر سلفا، إلا أنها تنجح في نقل الثقافات والأفكار ورفع مستوى الاقتصاد وربما السياحة. في تقرير نشرته بي بي سي عن المسلسلات التركية، تقول إن مسلسل تركي واحد حقق أرباحا صافية تفوق 130 مليون دولار بسبب شهرته العالمية، حيث إن تركيا احتلت المرتبة الثانية بعد أميركا في صناعة المسلسلات التلفزيونية.