مع الصديق العزيز، ياسر العمرو، وفي برنامج بالمختصر على قناة MBC، استمتعت بلقاء ثري مع فضيلة الشيخ محمد الجيراني، قاضي محكمة المواريث والأحوال الشخصية بمدينة القطيف. هي للعلم محكمة متخصصة في دلالات اسمها للإخوة الكرام من أتباع المذهب الشيعي ولها دائرة أخرى في محافظة الأحساء. ولربما لم يسعف وقت البرنامج وطبيعة وظيفة صاحب الفضيلة واختصاصها بالمرور على بعض الأسئلة الجوهرية التي تلامس صلب هواجسنا الوطنية وبالخصوص ما يمكن بالمختصر أن نختزله في تأثير المرجعية المذهبية على الانتماء الوطني. نحن عادة ما نسمع تأكيد الفصل التام بين طرفي المعادلة في ما بين القوسين الأخيرين ولكن سيبقى مهماً أن نسمعه من أصحاب الفضيلة وسيبقى وقعها مختلفاً حين يقولها، بالمثال، فضيلة الشيخ حسن الصفار لا توفيق السيف أو جاسم الصحيح، نحن مثلاً، لا يقلقنا الخلط في سؤال المرجعية والانتماء لأتباع المذهب الإسماعيلي على الإطلاق ولكنه يبقى سؤالاً مرتفعاً عند الحديث عن الاثني عشرية الجعفرية. وحتى لا يظن الإخوة الكرام في هذا المذهب أنهم مستقصدون وحدهم بأسئلة الشك في تقابلية الانتماء والمرجعية سأحيلهم إلى آلاف المقالات التي تصدت للشكوك في هذه الثنائية لأتباع جماعة الإخوان المسلمين في علنية الولاء للمرشد العام وللتنظيم الدولي فوق الانتماء لوطن له حدوده وقواعد استقلاله. ومثلما كتبنا إليهم أسئلة المرجعية والانتماء إلى المقطم حيث مقر الجماعة سنكتب أيضاً أسئلة قم حيث المدرسة التاريخية، مثل هذه الأسئلة كتبت، وأيضاً في آلاف المقالات إلى أتباع القاعدة وداعش وإلى كل جوهر الخطاب الديني السني عند الشكوك نفسها في الولاء والانتماء الأممي على حساب القاعدة الوطنية.
سيبقى من المهم بمكان كتابة رسالتين: الأولى إلى صلب الخطاب السني المحلي بالكف عن محاسبة ولوم أتباع المذهب المقابل حين الجهر بالمرجعية. هذه هي أبسط حقوقهم طالما أن المرجعية لا تتعارض مع صلب الانتماء الوطني ولا الولاء العابر لمياه الخليج، ومن الخطأ بمكان أن نخلط أغلبية المذهب الساحقة بمستنقع فئام متطرفة من ذات المذهب. احترامي وتقديري، مثالاً، لتاريخ الأزهر الشريف وتوقيري لمشايخه لا يعني مصريتي على حساب سعوديتي المتجذرة، وبالمثال فإن احترام قم وتقدير فضيلة الشيخ علي السيستاني يجب أن يقاس على ذات المسطرة. الرسالة الثانية إلى صلب الخطاب الشيعي المحلي أيضاً: لا يكفي أبداً أن نقرأ ونسمع منكم آراء النخب الليبرالية ولا أصوات قاعدة البسطاء العريضة وهي تؤكد الفصل الواضح ما بين الانتماء الوطني وطبيعة هرم المرجعية. نحن نريد أن نسمعها من الصوت الأعلى والأقوى تأثيراً من سدنة ومشايخ الخطاب الديني. يؤسفني أن أكتب تعليق صديق شيعي يشاركني ذات الرأي حينما نقلت له إعجابي بمقابلة فضيلة الشيخ الجيراني وهو يقول: بقية المشايخ يعتبرونه موظفاً عند الدولة. هذه جملة صادمة ولهذا أكتب لكم رسالتي بصدق ومحبة. النظرية الاجتماعية تقول بالحرف إن الأقليات في أي مكان على وجه الأرض تخسر على الدوام في اكتساب حقوقها المشروعة عطفاً على مواقفها الغامضة الملتبسة تجاه الأسئلة الكبرى التي تجمع المشترك ما بين الأغلبية والأقلية، وهنا المثال الصارخ لأصحاب الفضيلة: أنتم معنا لا تستطيعون الجهر بأبسط حقوقكم في تأكيد المرجعية لأننا لم نسمع منكم أبسط حقوقنا في الاطمئنان على ثوابت الانتماء والولاء الوطني، أي شخص يقول لكم بغير هذه الهواجس إنما يسوق إليكم غش المواقف ليبني ما بيننا جسراً من بيت العنكبوت.